للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: المعنى هل يطيعك ربك إن سألته؟ (١) على أن استطاع بمعنى أطاع، كما أن استجاب بمعنى أجاب، وقد ذكر فيما سلف.

وقرئ (هل تستطيعُ ربَّك) بالتاء النقط من فوقه ونصب الباء من (ربك) (٢) على معنى: هل تستطيع أنت يا عيسى سؤال ربك؟ ثم حُذف المضاف وأقيم المضاف إليه مُقامه، والمعنى: هل تسأله ذلك من غير صارف يصرفك عن سؤاله؟

وأن في قوله: {أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا} على قراء الجماعة في موضع نصب بيستطيع لعدم الجار وهو (على) أو (في)، أو جر على إرادته، وكذلك هو في قراءة الكسائي، غير أن العامل على هذه القراءة المصدر المحذوف الذي هو السؤال، ولا يجوز أن يكون العامل على قراءته (تستطيع)؛ لأنه لا يجوز أن تقول: هل تستطيع أنت أن يفعل غيرك كذا؟

والمائدة فيما ذَكر أهل اللغة: الخِوَانُ إذا كان عليه الطعام، فإذا لم يكن عليه طعام فليس بمائدة، وإنما هو خوان (٣)، واختلفوا في اشتقاقها، فقال بعضهم: هي مشتقة من ماد القوم يميدهم، إذا أطعمهم، وقال آخرون: هي من ماد [فلان] فلانًا يميده، إذا أعطاه ورَفَدَهُ، كأنها تميد مَن


= وعلى رأسهم السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: كان الحواريون لا يشكّون أن الله قادر أن ينزل عليهم مائدة، ولكن قالوا: يا عيسى هل تستطيع ربَّك. تعني: هل تستطيع أن تسأل ربك. انظر الطبري ٧/ ١٢٩. ونقل ابن الجوزي ٢/ ٤٥٦ عن ابن الأنباري قوله: ولا يجوز لأحد أن يتوهم أن الحواريين شكوا في قدرة الله، وإنما هذا كما يقول الإنسان لصاحبه: هل تستطيع أن تقوم معي، وهو يعلم أنه مستطيع، ولكنه يريد: هل يسهل عليك. وقال ابن عطية ٥/ ٢٣٥: ولا خلاف أحفظه في أن الحواريين كانوا مؤمنين.
(١) هذا قول السدي، انظر النكت والعيون ٢/ ٨٢، وجامع القرطبي ٦/ ٣٦٤.
(٢) هذه قراءة الكسائي وحده من العشرة، وهي منسوبة إلى عدة من الصحابة والتابعين. وانظرها مع قراءة الجماعة في السبعة/ ٢٤٩/، والحجة ٣/ ٢٧٣، والمبسوط/ ١٨٩/، والتذكرة ٢/ ٣١٩.
(٣) انظر صحاح الجوهري (ميد).

<<  <  ج: ص:  >  >>