للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قضى فلان دينه، أي: قد قطع ما لغريمه عليه وأداه إليه، فقطع ما بينه وبينه، وكل ما أُحكم فقد قُضي، تقول: قد قضيت هذه الدار، إذا عملتها وأحكمتها. قال الشاعر:

١٩٦ - وَعَلَيهِما مسرودتانِ قَضاهما ... داودُ أو صَنَعُ السَّوابغِ تُبَّعُ (١)

انتهى كلامه (٢).

وقوله: {ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ} أي: لا يؤخَّرون بعد نزوله طرفة عين، إجراء على دأب من قبلهم ممن اقترح الآيات على أنبيائهم، ثم لم يؤمنوا بها بعد نزولها.

{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (٩)}:

قوله عز وجل: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا} الضمير مفعول أول، و {مَلَكًا} ثان، والضمير للرسول، أي: ولو جعلنا الرسول مَلَكًا كما اقترحوا لجعلناه رجلًا، ولأرسلناه في صورة رجل من بني آدم، كما يَنزل جبريل عليه السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - في أعمّ الأحوال في صورة دِحْية (٣)، إذ لو رُئِيَ المَلَكُ على صورته لَصَعِقَ مَنْ يراه على ما فسر (٤).

وقوله: {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} عطف على قوله: {لَجَعَلْنَا}،


(١) البيت لأبي ذؤيب الهذلي من عينيته المشهورة، والتي مطلعها:
أمن المنون وريبها تتوجع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع
وانظره في المفضليات/ ٤٢٨/، ومجاز القرآن ١/ ٥٢، وشرح أشعار الهذليين ١/ ٣٩، وجامع البيان ١/ ٥٠٩، ومعاني الزجاج ٢/ ٢٣٠، و ٢٥٦ و ٣/ ٢٢٧.
(٢) معاني الزجاج ٢/ ٢٣٠.
(٣) هو دحية الكلبي رضي الله عنه، صحابي جليل، شهد الخندق وما بعدها، وكان جبريل عليه السلام يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورته، وكان يضرب به المثل في حسن الصورة. وكون جبريل يأتي على صورة دحية رواه النسائي بإسناد صحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وانظر الإصابة ٢/ ٣٨٥.
(٤) تقدم قول ابن عباس رضي الله عنهما في ذلك قبل قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>