للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأهل الكتاب ممن هو على غير وصفهم.

والباء من (بالآخرة) متعلقة بـ {يُوقِنُونَ} وهذا يدل على جواز تقديم خبر المبتدأ على المبتدأ، إذ المعمول لا يقع إلا حيث يصح وقوع العامل، لأجل أن المعمولى تابع للعامل، فلا يكون له تصرف لا يكون لعامله، وأجمل أحواله أن يقع في موقعه، فأما أن يفوقه في التصرف والوقوع حيث لا يقع هو، فلا، ولهذا مَنع صاحبُ الكتاب رحمه الله أن تقول: القتالُ زيدًا حين تأتي (١)، لأن زيدًا منصوب بـ (تأتي) ومعمول له، فكما لا يجوز أن تقدم تأتي على حين فتقول مثلًا: القتال تأتي حين، كذلك لا يجوز أن تقدم على حين زيدًا الذي هو معمول تأتي، لما ذكرت، فاعرفه فإنه أصل من الأصول.

والآخرة تأنيث الآخِر الذي هو نقيض الأول، وهي صفة الدار، بشهادة قوله جل ذكره: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ} (٢)، وسميت آخرة لأنها تكون بعد الدنيا، ولأنها أخرت حتى تَفْنَى الدنيا، ثم تكون، وهي من الصفات الغالبة، وكذلك الدنيا.

والآخِرُ، والثاني، والتالي نظائر.

وأما الآخَر بفتح الخاء، فيأتي على تفصيل الاثنين، كقولك: أحدهما كذا والآخَرُ كذا.

وأصل {يُوقِنُونَ} يُؤَيْقِنُونَ، لأن ماضيه أيقن كأكرم، فحذفت الهمزة منه لما ذكرت في غير موضع (٣)، وأُبدلت الياء واوًا لسكونها وانضمام ما قبلها، كما فُعل في مُوْقِنٍ ونحوه.

وقرئ: (يُؤْقِنُون) بالهمز (٤) على جعل الضمة في جوار الواو لقربها منها


(١) كتاب سيبويه ١/ ١٣٣.
(٢) سورة القصص، الآية: ٨٣.
(٣) انظر إعراب (ويقيمون الصلاة) المتقدم.
(٤) نسبها الزمخشري في الكشاف ١/ ٢٤ إلى أبي حية النميري، وتبعه أبو حيان في البحر ١/ ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>