للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التكليف عندها، فلم ينفع الإِيمان حينئذ نفسًا غير مقدمة إيمانَها أو كَسْبَها قبل ظهور الآية الملجئة.

{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (١٥٩)}:

قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ} فيه وجهان:

أحدهما: اختلفوا فيه، كما اختلف اليهود والنصارى.

والثاني: آمنوا ببعضِ وكفروا ببعض، كقوله: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} (١)، فهم خلاف المؤمنين الذين وُصفوا بالإِيمان به في قوله: {وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ} (٢).

وقرئ: (فارَقوا) بألف مع تخفيف الراء (٣)، بمعنى تركوه، قال أبو علي: وإلى معنى فرَّقوا يَؤُولُ، ألا ترى أنهم لما آمنوا ببعضه وكفروا ببعضه فارقوه كله، فخرجوا عنه ولم يتبعوه (٤).

ومثله في "الروم" (٥).

وقرئ أيضًا: (فرَقوا) بتخفيف الراء مع حذف الألف (٦)، وفيه وجهان:

أحدهما: في معنى التشديد؛ لأن فَعَل مخففًا يكون فيه معنى التثقيل.


(١) سورة البقرة، الآية: ٨٥.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١١٩.
(٣) قراءة صحيحة، قرأ بها حمزة، والكسائي. انظر السبعة/ ٢٧٤/، والحجة ٣/ ٤٣٨، والمبسوط/ ٢٠٥/.
(٤) الحجة للقراء السبعة ٣/ ٤٣٨.
(٥) يعني قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا ... } [الروم: ٣٢]، فقد قرأها حمزة، والكسائي: (فارقوا .. ).
(٦) قراءة شاذة نسبت إلى النخعي، والأعمش، ويحيى، وأبي صالح. انظر المحتسب ١/ ٢٣٨، والمحرر الوجيز ٦/ ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>