للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلتَ: فإن كان الأمر على ما زعمتَ، فما معنى قول القائل: قرأ عَلَى الخبر؟ قلتُ: معناه: على لفظ الخبر، والمعنى معنى الاستفهام، وحَذْفُ المضافِ وإقامة المضاف إليه مُقامه كثيرٌ شائع في كلام القوم إذا خلا الكلام من اللبس.

ووجه من حذفَهُ بعد أن ألقى حركته على الساكن قبله: أنه كره اجتماعهما لما ذكرت في غير موضع، فأزاله بالحذف بعد النقل، إذ وَجَدَ السبيلَ إلى ذلك، كما قالوا: من بُوك؟ وكم ابلُكَ؟ ومن امُّكَ؟ حين أرادوا تخفيف الهمزة، ونحو هذا شائع كثير في كلام القوم.

ووجه من قلب الثانية: أنه كره اجتماعهما لما ذكرت في غير موضع، فأبدل الثانية منهما ألفًا، كما قال:

٣٨ - سَألَتْ هُذَيلٌ ... ........................... (١)

ونحو هذا يُسْمَعُ ولا يقاس عليه، وأيضًا فإن أكثر ما ورد في التنزيل من هذا النحو بعده الساكن، فكان ذلك يكون جمعًا بين الساكنين. والذي جَسَّر القارئَ على ذلك بعدَ النقل عن السلف: فَرْطُ ما في الألف من زيادة المد.

ووجه من قلب الأولى: أنه كره أيضًا اجتماعهما، فأبدل الأولى منهما هاء، كما قالوا: هيّاك في إيّاك.

ووجه من جعلها بين بين: أنه كره اجتماعهما أيضًا، فأزالهما بتخفيف الأولى، وهو ضعيف، لأنه كالجمع بين الساكنين على غير حَدِّه.


(١) جزء من بيت لحسان بن ثابت - رضي الله عنه -، وتمامه:
............. رسولَ الله فاحشةً ... ضَلَّتْ هذيلٌ بما سالت ولم تُصِبِ
وانظره في ديوانه/ ١٢٠/ وهو من شواهد سيبويه ٣/ ٤٦٨، والكامل ٢/ ٦٢٦، والمقتضب ١/ ١٦٧، وأصول ابن السراج ٣/ ٤٧٠، والحجة ٢/ ٢١٨، والمحتسب ١/ ٩٠، والمخصص ١٢/ ٢١٨، والمفصل/ ٤١٧/، وفي مناسبته قال المبرد في الكامل: كانت هذيل قد سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحل لها الزنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>