للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُشمِت بي الأعداء، ويكون تأويل فلا تشمت بي أنت يا رب كتأويل: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} (١)، وهذا قول أبي الفتح وتأويله، وفيه ما فيه لمن تأمل (٢).

والوجه عندي - والله تعالى أعلم بكتابه - أن الفعل مسند إلى موسى - عليه السلام -، وناصب (الأعداء) فعل مضمر وفاعله الشماتة، كأنه قال: فلا تشمت أنت بي فتشمت بي الأعداء، أي: فشماتتك تشمت بي الأعداء.

{إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ (١٥٢)}:

قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ} نهاية صلة الموصول محذوف وهو المفعول الثاني لـ {اتَّخَذُوا}، أي: اتخذوه معبودًا أو إلهًا.

وقوله: {سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (في الحياة) يحتمل أن يكون من صلة {سَيَنَالُهُمْ}، وأن يكون من صلة الغضب، والذِّلة على جهة الصفة، فيكون متعلقًا بمحذوف على أن الغضب: ما أمروا به من قتل أنفسهم، والذلة: خروجهم من ديارهم، أو ضرب الجزية على ما فسر (٣)، وأن يكون من صلة الذلة وحدها، على أن الغضب عذاب في الآخرة، والذلة في الحياة الدنيا.

وقوله: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} أي: ومثل ذلك الجزاء نجزيهم.

{وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٥٣)}:

قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ} في موضع رفع بالابتداء، والخبر {إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}.


(١) سورة البقرة، الآية: ١٥.
(٢) انظر المحتسب في الموضع السابق.
(٣) انظر معاني الزجاج ٢/ ٣٧٩. ومعاني النحاس ٣/ ٨٤. والكشاف ٢/ ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>