للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموسوم بالدرة الفريدة في شرح القصيدة، فأغنى ذلك عن الإعادة هنا (١).

وقرئ: (وما يُخْدَعون) بضم الياء وفتح الدال على البناء للمفعول (٢)، يقال: خَدَعْتُ زيدًا نفسَهُ، ومعناه: عن نفسه. وفاعل الخدع الشيطان، أي: وما يخدعهم الشيطان إلا عن أنفسهم، ثم عومل معاملة "اختار" و "أمرتك" (٣).

يقال: خَدَعَه يَخْدَعُه خَدْعًا وخِداعًا، إذا ختله وأراد به المكروه من حيث لا يعلم (٤)، أي: يخفون خلاف ما يبدون، وأصل الخدع: الإخفاء، ومنه قيل للخزانة التي يُخْفَى فيها المتاع: المخْدَع (٥). والمعنى: يعملون عمل المخادع.

وقيل: يخادعون أولياء الله (٦)، أو رسوله، فحذف المضاف للعلم به (٧).

وقيل: أصل الخدع في اللغة: الفساد، ومنه قول سويد بن أبي كاهل (٨) يصف ثَغْرَ امرأةٍ:


(١) قرأ أبو عمرو والحرميان (ابن كثير ونافع): (وما يُخادعون) بألف بعد الخاء. وقرأ باقي العشرة (وما يَخدعون) بدون ألف. انظر السبعة/ ١٤١/، والحجة ١/ ٣١٢، والتذكرة ٢/ ٢٤٨، والمبسوط/ ١٢٧/.
(٢) نسبت هذه القراءة إلى أبي طالوت عبد السلام بن شداد، والجارود بن أبي سبرة. انظر المحتسب ١/ ٥١، والمحرر الوجيز ١/ ١١٢.
(٣) يعني بالأول: قوله تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ} [الأعراف: ١٥٥] أي: من قومه.
ويعني بالثاني: قول الشاعر:
أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ... ....................
أي بالخير، وهذا شاهد تقدم برقم (١٨).
(٤) كذا في الصحاح (خدع). وختله: خدعه.
(٥) ضبطه الجوهري بضم الميم وكسرها ونسب المعنى ليعقوب عن الفراء. قلت: هو للخليل قبلهما، انظر معجم العين ١/ ١١٥.
(٦) قاله الجوهري (خدع).
(٧) ذكره ابن عطية ١/ ١١١ عن الحسن رحمه الله قال: المعنى يخادعون رسول الله، فأضاف الأمر إلى الله تجوزًا لتعلق رسول الله به. وقال الماوردي ١/ ٧٣: وجعل الله خداعهم لرسوله خداعًا له، لأنه دعاهم برسالته. وانظر البيان ١/ ٥٥.
(٨) شاعر مخضرم، وهو صاحب المفضلية المشهورة:
بسطت رابعة الحبل لنا ... فوصلنا الحبل منها ما اتسع =

<<  <  ج: ص:  >  >>