للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بمعنًى، عن أبي الحسن وغيره (١)، وأصله: العدول عن الاستقامة والانحراف عنها، ومنه اللحد الذي يحفُر في جانب القبر، خلاف الضريح الذي يحفر في وسطه.

{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (١٨٢)}:

قوله عزَّ وجلَّ: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ} فيه وجهان:

أحدهما: أن يكون مرفوعًا بالابتداء، وخبره {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ}.

والثاني: أن يكون منصوبًا بفعل مضمر يفسره هذا الظاهر، أي: سنستدرج الذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم.

قيل: والاستدراج: استفعال من الدرجة، بمعنى الاستصعاد والاستنزال درجة بعد درجة، ومنه دَرَجَ الصبي، إذا قارب بين خطاه، وأدرج الكتاب: طواه شيئًا بعد شيء، ودرج القوم: مات بعضهم في إثر بعض (٢).

ومعنى {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ}: سنستدنيهم قليلًا قليلًا إلى ما يهلكهم، ولا نباغتهم كما يرتقي الراقي في الدرجة، فيتدرج شيئًا بعد شيء حتى يصل إلى العلو.

{وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (١٨٣)}:

قوله عزَّ وجلَّ: {وَأُمْلِي} يحتمل أن يكون معطوفًا على نستدرجهم داخلًا في حكم السين، وأن يكون مستأنفًا، أي: وأنا أملي لهم.

والإِملاء: الإِمهال، يقال: أمليت له في غيّه، إذا أطلت، وأملى الله


(١) انظر معاني أبي الحسن الأخفش ١/ ٣٤٢ - ٣٤٣. وحكاها عنه وعن غيره أبو علي في الحجة ٤/ ١٠٨.
(٢) قاله الزمخشري ٢/ ٨. ونسبه ابن الجوزي ٣/ ٢٩٥ إلى أبي عبيدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>