للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جوز أن تكون اللام في {النَّاسِ} للعهد، أي: كما آمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن معه، وهم ناس معهودون، كما في قوله: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا} (١). أو عبد الله بن سلام وأشياعه (٢)، لأنهم من جِلْدتهم ومن أبناء جنسهم، أي: كما آمن أصحابكم وإخوانكم. وأن تكون للجنس، أي: كما آمن الكاملون في الإنسانية. أو جُعِل المؤمنون كأنهم الناس على الحقيقة، ومَن عداهم كالبهائم في فَقْدِ التمييز بين الحق والباطل (٣). وكذلك اللام في، {السُّفَهَاءُ} تحتمل الوجهين.

ويجوز في {هُمُ} الأوجه الثلاثة المذكورة في {أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ}. {وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} أنهم كذلك.

وسفهاءُ: جمع سفيه، كفقيه وفقهاء، وحكيم وحكماء. والسَّفَه والطيش بمعنىً. وأصلُ السَّفَهِ الخِفَّةُ، يقال: ثوبٌ سَفِيهٌ، إذا كان خفيفًا باليًا، وهو في الناس: خفة الحلم، عن الزجاج وغيره (٤).

ويجوز في قوله: {السُّفَهَاءُ أَلَا} أربعة أوجه:

تحقيق الهمزتين وهو الأصل.

وقلب الثانية واوًا كراهة اجتماعهما (٥).

وتخفيف الأولى بين بين - بين الهمزة والواو على مذاق العربية - مع تحقيق الثانية.


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٧٣، وانظر الطبري ١/ ١٢٧ - ١٢٨ فهو الذي ذكر هذا الوجه واقتصر عليه، وتبعه الماوردي ١/ ٧٥.
(٢) ذكره البغوي ١/ ٥١، وقدمه على الأول، كما ذكره ابن عطية ١/ ١٢٠ ثانيًا، ونسبه ابن الجوزي إلى مقاتل ١/ ٣٣، وقد مرت ترجمة عبد الله بن سلام رضي الله عنه.
(٣) هذا الوجه ذكره صاحب الكشاف ١/ ٣٣ بلفظه.
(٤) معاني الزجاج ١/ ٨٨ وانظر مفردات الراغب (سفه).
(٥) فتصبح هكذا: (السفهاء ولا). قال النحاس ١/ ١٣٩: وهو أجودها، وهي قراءة أهل المدينة، والمعروف من قراءة أبي عمرو. وفي التذكرة ١/ ١٨٨: قرأ بها الحرميان وأبو عمرو ورويس عن يعقوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>