للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبعد .. فإن عزيرًا عربي عند قوم مشتق من قوله: {وَتُعَزِّرُوهُ} (١)، وعجمي عند آخرين، وانصرف على هذا لخفته، كنوح ولوط؛ لأنه تصغير عزر، والوجه هو الأول وعليه الأكثر.

وقوله: {ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ} (ذلك) رفع بالابتداء، وخبره {قَوْلُهُمْ}. و {بِأَفْوَاهِهِمْ} يحتمل أن يكون من صلة {قَوْلُهُمْ}، وأن يكون في موضع الحال، وأن يكون من صلة {يُضَاهِئُونَ}، وهي جمع فُوهٍ.

والمعنى: أن ذلك قول لا يعضده برهان ولا حجة، وإنَّما هو لفظ يفوهون به فارغ من معنى تحته.

وقوله: (يضاهُون) قرئ: بضم الهاء من غير همز (٢)، وبكسرها مع الهمز (٣)، وهما لغتان، يقال: ضاهيت بالياء وضاهأت بالهمز، إذا أَشبهت.

وأصل المضاهاة: المشابهة، ومنه: امرأة ضهياء، وهي التي ضاهأت الرجال في أنها لا تحيض (٤).

ولام الفعل على قراءة من لم يهمز محذوفة، كما حذفت في يقضون ونحوه، وفي الكلام حذف مضاف تقديره: يضاهي قولُهم قولَهم، ثم حذف المضاف وأقيم الضمير المضاف إليه مقامه، فانقلب مرفوعًا لقيامه مقام المضاف.

{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)}:

قوله عز وجل: {وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} عطف على {أَحْبَارَهُمْ}


(١) سورة الفتح، الآية: ٩.
(٢) هذه قراءة الجمهور غير عاصم كما سيأتي.
(٣) أي (يضاهِئون) وقرأها عاصم وحده. انظر السبعة/ ٣١٤/. والحجة ٤/ ١٨٦. والمبسوط/ ٢٢٦/. والتذكرة ٢/ ٣٥٧.
(٤) أو لا ينبت لها ثدي. انظر المعنيين في معاني الزجاج ٢/ ٤٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>