للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(غِلظة)، وقرئ أيضًا: بضمها وفتحها (١) وهُنَّ لغاتٌ بمعنىً، يقال. فلان فيه غِلظة وغُلظة وغَلظة وغِلَاظة أيضًا بالكسر، أي: فظاظة.

فالغِلظة كالشِّدة، والغُلظة كالضُّغطة، والغَلظة كالسَّخطةِ.

قال أبو الحسن: (غِلظة) قراءة الناس بالكسر، وهي العربية وبها نقرأ، قال: ولا أعلم (غَلظةً) إلّا لغة، انتهى كلامه (٢).

{وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ (١٢٥)}.

قوله عزَّ وَجَلَّ: {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا} الجمهور على رفع قوله: {أَيُّكُمْ}، ورفعه بالابتداء وخبره {زَادَتْهُ}.

وقرئ: (أيَّكم) بالنصب (٣) على إضمار فعل يفسره {زَادَتْهُ}، كقولك: زيدًا ضربته، تقديره: أيكم زادت زادته هذه إيمانًا، وضربت زيدًا ضربته.

فإن قلت: لَمْ قدرت في الأول الفعل بعد المفعول، وفي الثاني قبله وهو الوجه، لأنَّ من شرط العامل أن يكون قبل المعمول؟ .

قلت: أجَل الأمر كما ذكرتَ، إلّا أن في الأول منعني مانع وهو أن أَيًّا استفهام، والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، لأنَّ له صدر الكلام، فلذلك قدرت بعده، وكفاك دليلًا {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ} (٤)، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (٥).


(١) قرأ أبان بن تغلب، وابن أبي عبلة، وأبو عبد الرَّحمن المسلمي: (غُلظة) بالضم. وقرأ المفضل عن عاصم، والأعمش: (غَلظة) بالفتح. ورويت الأوجه الثلائة عن أبي عمرو. انظر السبعة / ٣٢٠/. والحجة ٤/ ٢٤١. وإعراب النحاس ٢/ ٤٦. والمحرر الوجيز ٨/ ٣٠٢.
(٢) هكذا هذا الكلام في الحجة ٤/ ٢٤٢ عن أبي الحسن. وانظر بعضه في معانيه ١/ ٣٦٧.
(٣) نسبها الزمخشري ٢/ ١٧٨ إلى عبيد بن عمير، وانظر البحر المحيط ٥/ ١١٦ فقد أضافها إلى زيد بن علي أيضًا.
(٤) سورة الكهف، الآية: ١٢.
(٥) سورة الشعراء، الآية: ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>