للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{بِأَنَّهُمْ}: أي ذلك الصرف بسبب أنهم قوم لا يفقهون حجة الله عليهم، لإعراضهم عن التدبر لها.

{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٢٨)}:

قوله عزَّ وجلَّ: {مِنْ أَنْفُسِكُمْ} الجمهور على ضم الفاء من {أَنْفُسِكُمْ} على أنَّه جمع نَفْسٍ، وهو جمع قلة واقع موقع الكثرة، كأفئدة، وعكسه، شُسُوع (١).

والمعنى: من جنسكم أو من نسبكم عربي قرشي مثلكم.

وقرئ: (من أنفَسكم) بفتح الفاء (٢)، أي: من أشرفكم وأفضلكم، ومنه قولهم: هذا أنفس المتاع، أي: أجوده وخياره.

قال أبو الفتح: واشتقاقه من النفس، وهي أشرف ما في الإنسان (٣).

وقوله: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ} (عزيز) صفة لـ {رَسُولٌ} و {عَلَيْهِ} من صلته، و {مَا} مصدرية في موضع رفع بـ {عَزِيزٌ}: على الفاعلية، أي: شديد عليه عنتكم، لكونه بعضًا منكم.

والعنت: الوقوع في أمر شديد شاق، والعنت أيضًا: الإثم، وقد عنِت الرجل يعنَت بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر عنتًا وأعنته غيره.


(١) واحدها شِسْعٌ، وهي سيور النعل.
(٢) قراءة شاذة نسبت إلى عبد الله بن قسيط المكي، وقيل: إنها قراءة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفاطمة، وعائشة - رضي الله عنها -. انظر المحتسب ١/ ٣٠٦. والكشاف ٢/ ١٧٩. والمحرر الوجيز ٨/ ٣٠٦. وقال في زاد المسير ٣/ ٥٢٠: هي قراءة ابن عباس - رضي الله عنهما -، وأبي العالية، والضحاك، وابن محيصن، ومحبوب عن أبي عمرو.
(٣) المحتسب ١/ ٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>