للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَضَاءَتْ}: يقال: أضاءت النار وضاءت لغتان بمعنىً، إذا كثر نورها، والإضاءة فرط الإنارة وأضاءت تكون متعدية، تقول: أضاءتِ الشمسُ البقعةَ، وأضاءَ القمرُ الدارَ، ومنه قول الفرزدق (١):

٥٠ - أَعِدْ نَظَرًا يا عَبْدَ قَيسٍ لَعلَّمَا ... أَضَاءتْ لَكَ النارُ الحِمَارَ المُقيَّدا (٢)

فعدّاه كما ترى. وهنا يجوز أن يكون متعديًا ولازمًا.

{مَا حَوْلَهُ}: (ما) موصولة، و {حَوْلَهُ} ظرف فكان، وهو صلة {مَا} متعلق بمحذوف، و {مَا} في موضع نصب بـ {أَضَاءَتْ}، أي: أضاءت النار الذي استقر حوله من الأمكنة. والضمير في {حَوْلَهُ} للمستوقد.

ويجوز أن يكون {مَا} في موضع رفع بإسناد الفعل إليه، تعضده قراءةُ مَن قرأ: (فلما ضاءت ما حوله)، وهما ابنُ أبي عَبْلَةَ، وابنُ السُّمَيْفِع (٣)، والتأنيث في {أَضَاءَتْ} للحمل على المعنى، لأن ما حول المستوقد بِقاع وأماكن. ويجوز أن تكون {مَا}، نكرة موصوفة و {حَوْلَهُ} صفة لها في موضع نصب أو رفع على الوجهين، ويجوز أن تكون {مَا} مزيدة و {حَوْلَهُ} نصب بـ {أَضَاءَتْ}.

وقيل: في جواب (لما) وجهان:

أحدهما: أن جوابه {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ}، وإنما جُمع الضميرُ بعد الإفراد في قوله: {حَوْلَهُ} حملًا على المعنى، لأن المستوقد لا يراد به واحد.


(١) هو همام بن غالب الشاعر الأموي صاحب جرير والأخطل في شعر النقائض، وكان متقدمًا في الفخر، توفي سنة عشر ومائة.
(٢) هكذا أيضًا أنشده عبد القادر الجرجاني في المقتصد ١/ ٤٦٨، والزمخشري في المفصل/ ٣٤٨/، وشرح ابن يعيش ٨/ ٥٤ - ٥٧، وكلهم استشهدوا به على دخول (ما) على لعل، وانظر المغني/ ٣٧٨/ وهذا الاستشهاد ينتفي برواية الديوان (فربما).
(٣) كذا أيضًا نسبها إليهما أبو حيان في الجر ١/ ٧٩، واقتصر الزمخشري ١/ ٣٨، على نسبتها للأول، وقد تقدمت ترجمته، وأما الثاني: فهو محمد بن عبد الرحمن بن السميفع أبو عبد الله اليماني، قال ابن الجزري: له اختيار في القراءة ينسب إليه شذّ فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>