للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: هل يجوز أن يكون {مِنْ قَبْلِكُمْ} حالًا من {الْقُرُونَ}؟ قلت: لا، لأنه ظرف زمان (١)، وقد ذكر نظيره في غير موضع بأشبع من هذا.

وقوله: {وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ} فيه وجهان:

أحدهما: الواو للحال وقد معها مرادة، أي: ظلموا بالتكذيب وقد جاءتهم رسلهم بالمعجزات والدلالات الواضحات المنبئة عن صدقهم.

والثاني: للعطف، عطفت على {ظَلَمُوا}، والأول أمتن وعليه المعنى.

وقوله: {وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا} فيه وجهان:

أحدهما: عطف على {ظَلَمُوا}.

والثاني: اعتراض، واللام لتأكيد النفي.

وقوله: {كَذَلِكَ} الكاف في موضع نصب على أنه نعت لمصدر محذوف، أي: جزاء مثل ذلك الجزاء، وهو الإهلاك، أو هلاكًا مثل ذلك، وهو وعيد لأهل مكة وغيرهم ممن كذَّب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو أن يفعل بهم مثل ما فعل بالقرون الخالية.

{ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤)}:

قوله عز وجل: {ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ} (خلائف) جمع خليفة، وهو الذي يخلف الذاهب، أي: يجيء بعده خلفًا عنه، والمعنى: تخلفونهم قرنًا بعد قرن.

وقوله: {لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} اللام من صلة جعلنا، والجمهور على إظهار نونين في (لننظر) على الأصل، وقرئ: بنون واحدة وتشديد الظاء (٢)


(١) لأن ظرف الزمان لا يقع حالًا عن الجثة، كما لا يقع خبرًا عنها.
(٢) أي: (لنظّر) وهي قراءة شاذة نسبت إلى يحيى بن الحارث. انظر المحتسب ١/ ٣٠٩. والمحرر الوجيز ٩/ ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>