للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {أَنْ يَفْتِنَهُمْ} فيه وجهان:

أحدهما: في موضع جر على البدل من (فرعون) وهو بدل الاشتمال.

والثاني: في موضع نصب بـ {خَوْفٍ}، أي: على خوف فتنة فرعون.

وقوله: {وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ} قيل: لَغالبٌ فيها قاهر، {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ} (١) والمراد بالأرض أرض مصر، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (٢).

وقوله: {لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (فتنة) مفعول ثان، وفي الكلام حذف، أي: موضع فتنة لهم، أي: عذاب يعذبوننا، من فتنت الذهب، إذا أحرقته بالنار لتظهر الخلاص منه، {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} (٣)، أو يفتنوننا عن ديننا، أو فتنةً لهم يفتنون بنا ويقولون: لو كان هؤلاء على الحقِّ لما أصيبوا.

{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٨٧)}:

قوله عز وجل: {أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا} أن: هنا تحتمل أن تكون المفسرة خالية من المحل والإِعراب، وأن تكون مصدرية، فتكون في موضع نصب بأوحينا.

وتبوأ: فعل يتعدى إلى مفعولين، كَبَوَّأَ، وتفعَّل وفعَّل قد يأتيان متعديين بمعنىً، نحو: تَعَلَّقْتُهُ وعلقته، وتَقَطَّعْتُهُ وقطعته.

وكذلك بوأت فلانًا منزلًا، وبوأت له منزلًا، وتبوأته منزلًا، وتبوأت له منزلًا، وفي التنزيل: {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} (٤)، وفيه: {وَإِذْ بَوَّأْنَا


(١) سورة القصص، الآية: ٤.
(٢) زاد المسير ٤/ ٥٣.
(٣) سورة الذاريات، الآية: ١٣.
(٤) سورة العنكبوت، الآية: ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>