للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقيل: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}؛ لأنه خوطب موسى وهارون - عليه السلام - أن يتبوءا لقومهما بيوتًا، ويختاراها للعبادة، وذلك مما يفوض إلى الأنبياء - عليه السلام -، ثم سيق الخطاب عامًّا لهما ولقومهما باتخاذ المساجد والصلاة فيها؛ لأن ذلك واجب على الجمهور، ثم خُصَّ موسى صلوات الله على نبينا وعليه بالبشارة التي هي الغرض تعظيمًا لها وللمُبَشِّرِ بها.

{وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٨٨)}:

قوله عز وجل: {رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ} اختلف في هذه اللام:

فقيل: هي لام كي (١) متعلقة بـ {آتَيْتَ} بمعنى: جعلت ما آتيتهم سببًا للضلال؛ لأنهم بطروا بها فاستكبروا عن الإِيمان، وطغوا في الأرض.

وقيل: هي لام الأمر (٢)، وهو على سبيل الدعاء، وهو دعاء بلفظ الأمر، كقوله: {رَبَّنَا اطْمِسْ .... وَاشْدُدْ}، كأنه قال: ليثبتوا على ما هم عليه من الضلال وليكونوا ضُلالا، وذلك حين يئس من إيمانهم، ولم يبق له طمع فيهم، إمَّا من جهة الوحي، أو بما شاهد منهم من الكفر والعناد.

وقيل: هي لام العاقبة (٣)، كالتي في قوله: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} (٤).


(١) قاله الفراء ١/ ٤٧٧. وانظر الطبري ١١/ ٥٦١ - ١٥٧ حيث رجح هذا المعنى.
(٢) قاله الزمخشري ٢/ ٢٠٠. ونسبه ابن الجوزي ٤/ ٥٦ إلى ابن الأنباري.
(٣) هذا قول الأخفش ١/ ٣٧٧. والزجاج ٣/ ٣٠. وقال النحاس في إعرابه ٢/ ٧٢: إنه مذهب الخليل وسيبويه. وانظر تفسير الطبري ١١/ ١٥٦.
(٤) سورة القصص، الآية: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>