للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (٨١)}:

قوله عزَّ وجلَّ: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ}؛ قرئ: بالقطع والوصل (١)، وهما لغتان فاشيتان، يقال: أسريتُ وسريتُ، أي: سرت ليلًا. والإسراء والسُّرَى: سير الليل.

وقوله: {بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ} أي: بطائفة منه.

وقوله: (إلَّا امرأتُك) قرئ: بالرفع (٢) على البدل من أحد، وأنكر هذه القراءةَ جماعةٌ منهم أبو عبيد (٣)، وقال: لا يصِح الرفع في قوله: {إِلَّا امْرَأَتَكَ} على البدل إلَّا برفع (يلتفت) ويكون نفيًا؛ لأنَّ المعنى يصير إذا أبدلت وجزمت (يلتفت) إلى أن المرأة أبيح لها الالتفات، وليس المعنى كذلك، ولا يصح عنده البدل إلَّا برفع يلتفت (٤). ولا أعرف أحدًا قرأ به فيما اطلعت عليه.

وقال أبو العباس: وجه الرفع أن المراد بالنهي المخاطب ولفظه لغيره،


(١) كلاهما من المتواتر، فقد قرأ المدنيان، وابن كثير: (فاسر) بالوصل. وقرأ الباقون: (فأسر) بالقطع. انظر السبعة / ٣٣٨/. والحجة ٤/ ٣٦٧. والمبسوط / ٢٤١/. والتذكرة ٢/ ٣٧٤.
(٢) هي قراءة ابن كثير، وأبي عمرو كما سوف أخرج.
(٣) هو القاسم بن سلام الهروي، قال عنه الجاحظ: من المعلمين، ثم من الفقهاء والمحدثين، ومن النحويين، والعلماء بالكتاب والسنة، والناسخ والمنسوخ، وبغريب الحديث، وإعراب القرآن .. وكان مؤدبًا، لَمْ يكتب الناس أصح من كتبه، ولا أكثر فائدة. (طبقات الزبيدي). وله كتب في الغريب، والقراءات، والشعراء، والأمثال، والأموال وغيرها. (الفهرست). توفي سنة أربع وعشرين ومائتين بمكة، وكان قدمها من بغداد حاجًّا.
(٤) انظر قول أبي عبيد في إعراب النحاس ٢/ ١٠٥. ومشكل مكي ١/ ٤١٢. والمحرر الوجيز ٩/ ٢٠٠ - ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>