للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحقيقة، ولكنهم وضعوها للأبد ظنًّا منهم أن تلك الأشياء تتأبد ولا تتناهي، كقولهم: ما اختلف الليل والنهار، وما دامت السماوات والأرض، وما أقام تجير (١)، وما لاح كوكب، وما ذَرّ شارق (٢)، وبرق بارق، وغير ذلك من كلمات التأبيد (٣). فخاطبهم الله جل ذكره بما يتعارفون بينهم، وقيل غير ذلك، وليس كتابي هذا موضوعًا لذلك.

وقوله: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} (ما) في موضع نصب على الاستثناء وفيه وجهان:

أحدهما: منقطع.

والثاني: متصل. ثم في (ما) وجهان أيضًا:

أحدهما: بمعنى مَن.

والثاني: على بابها، فالاستثناء على الوجه الأول: راجع إلى لبثهم في الدنيا، والبرزخ، والوقوف للحساب، كأنه قيل: خالدين فيها إلّا هذه المدة.

وعلى الثاني: راجع إلى الزيادة في عذابهم، واختلاف أنواعه، وذلك أن أهل النار لا يعذبون بنوع من العذاب بل بأنواع: كالزمهرير، والحيات والعقارب وغير ذلك على ما فسر، يعضده: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}. يفعل بأهل النار ما يريد، كما يعطي أهل الجَنَّة عطاءه الذي لا انقطاع له.

وعلى الثالث: راجع إلى العصاة وأهل التوحيد منهم؛ لأنهم مخرجون منها بعد إدخالهم فيها بالشفاعة، وهذا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (٤).

وعلى الرابع: راجع إلى السماوات والأرض والخلود بحاله، كأنه قيل: إلّا


(١) جبل بمكة المكرمة.
(٢) كذا في الألفاظ الكتابية / ١١١/ أيضًا. وانظر الصحاح (شرق). ومعناه: ما طلعت الشمس.
(٣) انظر كلمات أخرى في الطبري ١٢/ ١١٧. وزاد المسير ٤/ ١٥٩. والتفسير الكبير ١٨/ ٥٢.
(٤) انظر النكت والعيون ٢/ ٥٠٥. وزاد المسير ٤/ ١٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>