للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرَيْتُ الشيءَ أَشْرِيه شِرًى، إذا بعته وإذا اشتريته أيضًا، وهو من الأضداد، وهذا فيه وجهان:

أحدهما: المراد به المبيع، أي: ما هذا بِشِرًى، أي: ما هذا بمَشْرِيّ، أي: ما هو بعبد مملوك، تَسْميةً للمفعول بالمصدر. كخَلْقِ الله، وصَيْدِ الصائد، وهبة الواهب، ومنه قوله - عليه السلام -: "الراجع في هبته" (١)، أي: موهوبه، والباء زائدة لتوكيد النفي.

والثاني: المراد به الثمن المُشْتَرَى به، أي: ما هذا بثمن، أي: مثله لا يُقَوَّمُ ولا يُثَمَّنُ، كقولك: ما هذا بألف، وهو نفي قولك: هذا بألف، فالباء على هذا متعلقة بمحذوف هو الخبر، غير مزيدة، مثلها في قولك: البر بستين، فاعرفه فإنه موضع من كلام أبي الفتح (٢). والتقدير: ما هذا حاصلًا بثمن، يقال: هذا بِشِرًى. أي حاصل بِشِرًى. أي: بثَمَن.

قال أبو إسحاق: وهذه القراءة ليست بشيء، لأن مثل (بِشِرًى) يكتب بالياء، وهو في المصحف بالألف، ولمطابقة (بَشَرٍ) و (مَلَكٍ) (٣).

قلت: وقرئ: (مَلِك) بكسر اللام (٤)، على أنه مَلِكٌ من ملوك الدنيا، وهو مطابق في اللفظ والمعنى لِبِشرًى الذي معناه: ما هذا بِمَشْرِيٍّ، فاعرفه.

{قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (٣٢)}:

قوله عز وجل: {فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ} (ذلكن) مبتدأ. والخبر ما


(١) جزء من حديث صحيح، وهو بتمامه هكذا: "العائد في هبته كالعائد في قيئه" متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٢٦٢١). ومسلم (١٦٢٢) كلاهما في كتاب الهبة.
(٢) المحتسب ١/ ٣٤٣.
(٣) معاني أبي إسحاق الزجاج ٣/ ١٠٧.
(٤) نسبها ابن عطية ٩/ ٢٩٣ للحسن، وأبي الحويرث الحنفي. ونسبها ابن الجوزي ٤/ ٢١٩ إلى أُبي - رضي الله عنه -، ورزين، وعكرمة، وأبي حيوة، والجحدري.

<<  <  ج: ص:  >  >>