للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللام في (لئن) لام التوطئة للقسم، ولهذا أجيب بجواب القسم في قوله: {لَيُسْجَنَنَّ} أي: والله. {وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} سادا مسد جواب الشرط.

والجمهور على تخفيف النون التي للتأكيد في قوله: (وليكونًا)، وقرئ أيضًا: بالتشديد (١)، والقراءة هي الأولى لموافقتها الإمام مصحف عثمان - رضي الله عنه -، لأن النون كتبت فيه ألفًا على حكم الوقف، وذلك لا يكون إلا في الخفيفة.

والصاغر: الذليل، وذكر فعله ومصدره فيما سلف من الكتاب في غير موضع.

{قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٣) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤)}:

قوله عز وجل: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي} الجمهور على كسر السين من (السِّجن)، وهو اسم المكان، وقرئ: (السَّجْنُ) بفتحها (٢)، وهو مصدر. وهو على كلتا القراءتين مبتدأ والخبر {أَحَبُّ}، غير أن في الكلام حذف مضاف على قراءة الجمهور، تقديره: نزول السجن أحب إليَّ من ركوب المعصية، فحذف المضاف، وإنما احتيج إلى هذا التقدير ليكون المخبر عنه هو الخبر، وذلك أن السجن اسم والخبر حدث، والاسم غير الحدث، فإذا قدرت حذف مضاف نحو: النزول واللبث وغيرهما مما هو حدث، كنت مخبرًا بالحدث عن الحدث، وأمّا من فتحها فلم يحتج إلى


(١) يعني (وليكونَنَّ). وقد ذكرها الزجاج، والزمخشري، وابن عطية، وأبو حيان دون نسبة.
(٢) قراءة صحيحة، قرأها يعقوب وحده من العشرة. انظر المبسوط/ ٢٤٦/. والتذكرة ٢/ ٣٨٠. وذُكر أنها قراءة عثمان - رضي الله عنه -، والزهري، وابن أبي إسحاق، وعبد الرحمن الأعرج. انظر معاني النحاس ٣/ ٤٢٣. وإعرابه ٢/ ١٤٠. والمحرر الوجيز ٩/ ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>