للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بداء، أي: ظهر لهم رأي، ودل {لَيَسْجُنُنَّهُ} على تفسير هذا البداء (١).

والضمير في {لَهُمْ} للعزيز وقومه، وقيل: للعزيز والنسوة، وإنما قال {لَهُمْ} بلفظ التذكير تغليبًا للذكور على الإناث (٢).

وقوله: {مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ} (ما) مصدرية، أي: من بعد رؤيتها.

وقرئ: (لَتَسْجُنُنَّهُ) بالتاء النقط من فوقه (٣) على الخطاب للعزبز وأتباعه، أو للعزيز وحده على وجه التفخيم والتعظيم، كقوله: {عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ} (٤) على قول من جعل الضمير لفرعون.

وقوله: {حَتَّى حِينٍ} (حتى) غاية، وهي من صلة قوله؛ {لَيَسْجُنُنَّهُ} أي: إلى زمان، والحين يقع على زمان غير محدود، كأنها اقترحت أن يسجنه زمانًا حتى تبصر ما يكون منه.

{وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٣٦)}:


(١) وبقي قول ثالث في فاعل (بدا) وهو كونه محذوفًا لم يعوض عنه بشيء تقديره: ثم بدا لهم رأي. وانظر هذه الأقوال في إعراب النحاس ٢/ ١٤١. مشكل مكي ١/ ٤٣٠. والبيان ٢/ ٤١. واقتصر الزمخشري على القول الثاني، وهو قول المبرد كما في المصادر السابقة، وصوب ابن عطية ٩/ ٢٩٦ القول الأخير، هذا وفي المطبوع بعد قوله: ظهر لهم رأي [وقد أظهره الشاعر في قوله:
لعلك والموعود حق لقاؤه ... بدا لك من تلك القلوص بداء]
وليس هذا الشاهد النحوي في الأصلين اللذين بين يدي، ولعله أُدخل من الهامش كما فُعل بغيره والله أعلم.
(٢) ذهب الإمام الطبري ١٢/ ٢١٢ أن الضمير للعزيز فقط، قال: وقيل: (بدا لهم)، وهو واحد لأنه لم يذكر باسمه ويقصد بعينه، وذلك نظير قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ}.
(٣) نسبت إلى الحسن - رضي الله عنه -. انظر مختصر الشواذ/ ٦٣/. والكشاف ٢/ ٢٥٥. والإتحاف ٢/ ١٤٦.
(٤) سورة يونس، الآية: ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>