للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} (أن) في موضع نصب على الاستثناء، وهو من غير الجنس، لأن الإحاطة من غير لفظ الإتيان، وفيه وجهان:

أحدهما: إلا أن تُغْلَبُوا فلم تَطِيقُوا الإتيان به، قاله قتادة (١).

والثاني: إلا أن تهلكوا جميعًا (٢)، والعرب تقول: أحيط بفلان، إذا هلك (٣).

وقيل: {يُحَاطَ بِكُمْ} مفعول له، وقوله: {لَتَأْتُنَّنِي بِهِ} في تأويل النفي، معناه: لا تمتنعون من الإتيان به إلا للإحاطة بكم، أي: لا تمتنعون منه لعلة من العلل إلا لعلة واحدة، وهو أن يحاط بكم، كما تقول: ما تأتيني إلا أن تأخذ الدراهم، أي: إلّا لأخذ الدراهم. فهو استثناء من أعم العام في المفعول له، والاستثناء من أعم العام لا يكون إلا في النفي وحده، فلا بد من تأويله بالنفي، ونظيره من الإثبات المتأول بمعنى النفي قولهم: أقسمت بالله لَمَّا فعلتَ، وإلّا فعلتَ، تريد: ما أطلب منك إلا الفعل. قاله الزمخشري (٤).

وقوله: {اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} اسْمُ الله مبتدأ، والخبر {وَكِيلٌ}، أي: رقيب مطلع، و {عَلَى} من صلة الخبر، و {مَا} موصولة أو مصدرية.

{وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٦٨)}:

قوله عز وجل: {وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ} أي: متفرقين،


(١) أخرجه الطبري ١٣/ ١٢. وانظر النكت والعيون ٣/ ٥٩. وهو قول الزجاج ٣/ ١١٩.
(٢) وهذا قول مجاهد. انظر الطبري، والماوردي في الموضعين السابقين.
(٣) انظر قول العرب أيضا في مفاتيح الغيب ١٨/ ١٣٧.
(٤) الكشاف ٢/ ٢٦٦. وهذا الوجه للزجاج ٣/ ١١٥ قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>