للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و {أَنَّ}: في موضع نصب لعدم الجار على رأي صاحب الكتاب، أي: وبشرهم بأن لهم، فلما حُذف الجار أفضَى الفعل إلى (أنّ) فَنَصَبَ، أو في موضع جر على رأي الخليل على إرادة الجار (١).

{جَنَّاتٍ}: نصبٌ بأنّ، وعلامة النصب كسرة التاء، وإنما كسرت التاء وقد كان يمكن فتحها؛ لأن جمع المؤنث السالم محمول على نحو الزيدِينَ، والياء في هذا الجمع علامة الجر والنصب، ومنصوبُهُ محمول على مجروره، فلما كان كذلك حملوا المؤنث عليه، وجعلوا الكسرة فيه علامة الجر والنصب؛ لأن المؤنث فرع على المذكر فكَرِهوا أن يعطوا الفرع حكمًا لم يكن للأصل، فاعرفه (٢).

{تَجْرِي} وما اتصل به: في موضع نصبٍ لكونه وصفًا لجنات، وقد ذَكَرْتُ فيما سلف من الكتاب أن الجملة إذا أتت بعد نكرةٍ كانت صفة لها، وإذا أتت بعد معرفةٍ كانت حالًا منها.

فإن قلت: {تَجْرِي} مسند إلى ماذا؟ قلت: إلى الأنهار.

فإن قلت: ما منعك أن تجعل في {تَجْرِي} ضميرَ جناتٍ وتسنده إليه، وترفع الأنهار بالابتداء، وتجعل الظرف خبره على رأي صاحب الكتاب، أو بالظرف على رأي أبي الحسن؟ قلت: منعني فسادُ المعنى، لأن الجنة فيما فُسّر هي البستان من النخل والشجر المتكاثف المظلل بالتفاف أغصانه (٣)، قال الشاعر:


= جعل (أعدت) جملة في موضع الحال، فالأصح أن تكون جملة معطوفة على ما قبلها وإن لم تتفق معاني الجمل كما ذهب سيبويه.
(١) انظر رأي سيبويه وشيخه في "الكتاب" ٣/ ١٢٦ - ١٢٧.
(٢) انظر في سبب كسر التاء من جمع المؤنث السالم: معاني الأخفش ١/ ٥٧ - ٥٨، ومعاني الزجاج ١/ ١٠١ - ١٠٢.
(٣) كذا في الكشاف ١/ ٥١، وفي المجمل (جن) الجنة عند العرب النخل الطوال. وفي الصحاح (جنن): العرب تسمي النخيل جنة. وذكره الماوردي ١/ ٨٥ عن المفضل، والبغوي عن الفراء، وقال: والفردوس لما فيه الكرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>