للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عز وجل: {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ} (بحمده) في موضع نصب على الحال من الرعد، أي: ملتبسًا به، أو حامدًا له. واختلف في الرعد:

فقيل: هو مَلَكٌ يسوق السحاب، وما يُسْمَعُ من السحاب صوته (١).

وقيل: الرعد ملك والصوت تسبيحه، والبرق: سوطه الذي يزجر به السحاب (٢).

وقيل: في الكلام حذف مضاف تقديره: ويسبح سامعو الرعد من العباد الراجين للمطر حامدين له، أي: يضجون بسبحان الله والحمد لله (٣).

والوجه هو الأول بشهادة قوله: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} (٤). وقوله - عليه السلام -: "سبحان من يسبح الرعد بحمده" (٥).

وقوله: {وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} أي: من خشيته.

وقوله: {وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ} محل الجملة النصب على الحال، أي: فيصيب بالصواعق من يشاء في حال جدالهم، وهي جمع صاعقة، والصاعقة: نار تسقط من السماء برعد شديد، وقد ذكرت فيما سلف من الكتاب (٦). ويجوز أن تكون مستأنفة (٧).


(١) هذا قول مجاهد. انظر جامع البيان ١/ ١٥٠. ومعاني النحاس ٣/ ٤٨٢.
(٢) هذا القول مركب من قولين، الأول: كون الصوت تسبيح الرعد قاله ابن عباس - رضي الله عنهما -، وعكرمة كما في جامع البيان ١/ ١٥٠ - ١٥١. ونسبه في زاد المسير ٤/ ٣١٤ إلى مقاتل. والثاني: كون البرق سوطه، أيضًا قاله ابن عباس - رضي الله عنهما -. انظر جامع البيان ١/ ١٥٢.
(٣) انظر هذا التأويل في الكشاف ٢/ ٢٨٢. ومفاتيح الغيب ١٩/ ٢٢. وروح المعاني ١٣/ ١١٨ - ١١٩.
(٤) سورة الإسراء، الآية: ٤٤.
(٥) الحديث بهذا اللفظ مرفوعًا أخرجه الطبري ١٣/ ١٢٤. لكن فيه راو مجهول. وأخرجه الإمام مالك موقوفًا بسند صحيح على عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما -. انظر الموطأ ٢/ ٩٩٢. والأذكار / ٣٠١/.
(٦) انظر إعرابه للآية (١٩) من البقرة.
(٧) جوزه الزجاج ٣/ ١٤٣. والنحاس في المعاني ٣/ ٤٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>