للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (٣١) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (٣٢)}:

قوله عز وجل: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا} جواب (لو) محذوف، أي: لكان هذا القرآن، لكونه غاية في التذكير، ونهاية في الإنذار والتخويف، أو: لَمَا آمنوا به، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - (١)، يعضده: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (٢).

وعن الفراء: جوابهُ مُقَدَّمٌ عليه، أي: فهم يكفرون بالرحمن ولو أن قرانًا سيرت به الجبال، وما بينهما اعتراض (٣).

ومحل {سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} وما عطف عليها النصب على النعت لقرآن. فإن قلت: لم ذكِّر فعل الموتى وأنث فعل الجبال والأرض؟ قلت: على وجه التغليب، لأن الموتى فيها المذكر الحقيقي والتغليب له إذا انضم إليه غيره.

وقوله: {بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا} انتصاب قوله: {جَمِيعًا} على الحال من المنوي في {لِلَّهِ} على رأي صاحب الكتاب، أو من {الْأَمْرُ} على رأي أبي الحسن.

وقوله: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ} في (ييئس) وجهان:


(١) لم أجد من نسب هذا إلى ابن عباس - رضي الله عنهما -، وما ورد عنه هو ذكر سبب نزول الآية فقط.
(٢) الآية (١١١) من الأنعام. وانظر القولين السابقين في معاني الزجاج ٣/ ١٤٨. ومعاني النحاس ٣/ ٤٩٦ وإعرابه ٢/ ١٧٢. والأكثر على المعنى الأول، واقتصر عليه الماوردي ٣/ ١١٢.
(٣) انظر تقدير الفراء في معانيه ٢/ ٦٣. وحكاه النحاس في معانيه ٣/ ٤٩٦ دون نسبة، واستحسنه في إعرابه ٢/ ١٧٢، وقدمه الإمام الطبري ١٣/ ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>