للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عز وجل: {كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} انتصابه عل الحال أو على التمييز، ومفعولا (كَفَى) محذوفان، والباء صلة، أي: كفاك الله أذاهم أو مكرهم، وقد ذكر في غير موضع فيما سلف من الكتاب (١).

وقوله: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} الجمهور على فتح ميم {وَمَنْ} وهو موصول، ومحله: إما الرفع عطفًا على موضع اسم الله جل ذكره، على معنى: كفى الله وكفى الذي عنده علم القرآنِ، أو علم التوراةِ، أو علم ما في اللوح المحفوظِ، على أَنَ المراد بـ (مَن) الله عز سلطانه، على ما فسر (٢)، على معنى: كفى بالذي يستحق العبادة، وبالذي لا يعلم علم ما في اللوح إلا هو شهيدًا بيني وبينكم، تعضده قراءه من قرأ: (ومِنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الكتابِ) على أنه حرفٌ جارٌ - والكلام يأتي عليه آنفًا إن شاء الله تعالى - وهو النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلي بن أبي طالب، وجماعة من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين (٣).

أو الجر عطفًا على لفظ اسم الله، وما بعده صلته، وارتفاعُ العِلم على قراءة الجمهور بنفس الظرف على المذهبين، لأن الظرف إذا وقع صلة رفع الظاهر لإيفائِهِ في قوة شبهه بالفعل لاعتماده على الموصول، كقولك: مررت بالذي في الدار أخوه، فارتفاع قولك: أخوه بنفس الظرف لِما ذكرت آنفًا فاعرفه.

وقرئ: (ومِنْ عِنْدِهِ) بكسر الميم (٤) على أنها الجارة، و {عِلْمُ


(١) انظر أول ذلك عند إعرابه للآية (٦) من النساء.
(٢) هذا تفسير الحسن، ومجاهد، والضحاك. انظر جامع البيان ١٣/ ١٧٧. ومعاني النحاس ٣/ ٥٠٦ - ٥٠٨. والنكت والعيون ٣/ ١١٩. والمعنى الثاني لـ (مَن) هو جماعة من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام، وسلمان، وتميم الداري، وهو قول قتادة. انظر المصادر السابقة.
(٣) كذا هذه القراءة وأصحابها وغيرهم كثير في معاني النحاس ٣/ ٥٠٨. ومختصر الشواذ / ٦٧/. والمحتسب ١/ ٣٥٨. والمحرر الوجيز ١٠/ ٥٥.
(٤) تقدمت هذه القراءة مع تخريجها قبل قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>