للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للكافرين، و {مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} في موضع الصفة لويل بعد الخبر، وجاز ذلك لأنَّ الصفة تُقطع كثيرًا عن الموصوف (١) وتُنصب على إضمار فعل، وتُرفع على إضمار مبتدأ، أو في موضع نصب على الحال من المنوي في الخبر، ولا يجوز أن يكون من صلة (ويل) كما زعم بعضهم، لأجل الفصل بينهما بالخبر، وذلك غير جائز، لأن الويل اسم معنىً كالهلاك، إلا أنه لا يشتق منه فعل، إنما يقال: ويلًا له، فينصب نصب المصادر، ثم يرفع رفعها لإفادة معنى الثبات، فيقال: ويل له، كقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ} (٢)، و {سَلَامٌ عَلَيْكَ} (٣)، فاعرفه.

{الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (٣)}:

قوله عز وجل: {الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ} محل {الَّذِينَ} الرفع، إمَّا على الابتداء وخبره {أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ}، أو على: هم الذين، أو النصب على الذم، أو الجر على الصفة للكافرين. ومعنى يستحبون: يختارون، أي: يختارون الحياة الدنيا على الآخرة، أي يؤثرونها عليها، والاستحباب: الاختيار والإيثار، وهو استفعال من المحبة، لأن المؤثر للشيء على غيره كأنه يطلب من نفسه أن يكون أحب إليها وأفضل عندها من الآخر (٤).

وقوله: {وَيَصُدُّونَ} الجمهور على فتح يائه وضم الصاد، وقرئ: (ويُصِدون) بضم الياء وكسر الصاد (٥)، قيل: يقال: صده عن كذا وأصده، إذا منعه عنه، قال الشاعر:


(١) في (أ): عن الموضع الموصوف.
(٢) سورة النمل، الآية: ٥٩.
(٣) سورة مريم، الآية: ٤٧. وفي (ب) و (ط): سلام عليكم. وهذه في الأنعام (٥٤).
(٤) من كلام الزمخشري ٢/ ٢٩٢.
(٥) قرأها الحسن كما في مختصر الشواذ / ٦٨/. والكشاف ٢/ ٢٩٢. والإتحاف ٢/ ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>