للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَاجْنُبْنِي} الجمهور على وصل الألف وضم النون، وقرئ: (وأَجنِبني) بقطع الألف وكسر النون (١)، وفيه ثلاث لغات: جَنَبْتُهُ الشيءَ أَجْنُبُهُ جُنُوبًا، وَأَجْنَبْتُهُ أَجْنِبُهُ إجْنَابًا، وَجَنَّبْتُهُ أُجَنِّبُهُ تَجْنِيبًا بمعنىً، أي: بَعَّدْتُهُ عنه. والجنوب لأهل نجد، والإجناب لتميم، والتجنيب لأهل الحجاز (٢)، والمعنى: ثبتنا وأدمنا على اجتناب عبادتها. قيل: وهذه الدعوة مخصوصة لأبنائه من صلبه (٣).

وقوله: {وَمَنْ عَصَانِي} (من) شرط في موضع رفع بالابتداء، وخبره فعل الشرط، والعائد: المنوي فيه، أو الجواب، والعائد محذوف، أي: فإنك غفور رحيم له إن آمن، وقد ذكر نظيره فيما سلف من الكتاب في غير موضع (٤).

{رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧)}:

قوله عز وجل: {أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي} المفعول محذوف، أي: بعضًا من ذريتي (٥). وقيل: (مِن) صلة، و {ذُرِّيَّتِي} هو المفعول (٦)، والأول


(١) قرأها الجحدري، وعيسى الثقفي، والهجهاج الأعرابي. انظر معاني النحاس ٣/ ٥٣٥. ومختصر الشواذ / ٦٨/. والمحتسب ١/ ٣٦٣. والمحرر الوجيز ١٠/ ٩١.
(٢) أكثر المصادر على أن أهل نجد يقولون: جَنَبه، مخففًا، وأجنبه رباعيًا. وأن أهل الحجاز يقولون: جَنّبه، مشددًا. انظر الكشاف ٢/ ٣٠٤. والدر المصون ٧/ ١١١. وروح المعاني ١٣/ ٢٤٣. إلا أن الفراء ٢/ ٧٨ حكى أن لغة أهل الحجاز (جنبني) خفيفة. وكون الإجناب لتميم: نص عليه ابن جني في المحتسب ١/ ٣٦٣.
(٣) انظر معالم التنزيل ٣/ ٣٦. والكشاف ٢/ ٣٠٤. والمحرر الوجيز ١٠/ ٩١. وقال القرطبي ٩/ ٣٦٨: وكانوا ثمانية.
(٤) انظر أول ذلك عند إعرابه للآية (٣٨) من البقرة.
(٥) اقتصر الفراء ٢/ ٧٨. والنحاس ٢/ ١٨٥ عليه.
(٦) هذا على مذهب الأخفش في زيادة (من). انظر التبيان ٢/ ٧٧١. والدر المصون ٧/ ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>