للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: للسبب والقسم محذوف، أي: بسبب إغوائي أُقسم لأفعلن بهم نحو ما فعلت بي من التسبيب لإغوائهم، بأن أزين لهم ما يُهلِكُهُمْ عندك، ويطرحهم في دار البوار (١).

وقوله: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ} نصب على الاستثناء وهو متصل، واختلف في المستثنى هنا فقيل: أكثر من النصف، وقيل: أقل منه، وهو الظاهر (٢). وعلى الجملة يجوز استثناء الكثير من القليل بشهادة قوله جل ذكره هنا: {إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} (٣)، وفي "سبأ": {فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (٤) ولا بد أن يكون أحد المستثنين هو الأكثر. و {مِنْهُمْ} في موضع نصب على الحال من {عِبَادَكَ} أي: كائنين منهم.

{قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١)}:

قوله عز وجل: {هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} (هذا صراط) مبتدأ وخبر، و {عَلَيَّ} في موضع الصفة لـ {صِرَاطٌ}، أي: طريق يَهْجُمُ بسالكه عليَّ، أي: على جَنتِي وكرامتي (٥).

وقيل: {عَلَيَّ} بمعنى (إلَيَّ)، أي: مرجعه إليَّ فأُجازي كل عامل بما عمل، وفي الكلام معنى التهديد والوعيد، كقولك لمن تهدده: طريقك عليَّ (٦).


(١) انظر وجهي الباء هذين في الكشاف ٢/ ٣١٣ - ٣١٤. والتفسير الكبير ١٩/ ١٤٧.
(٢) القولان في التبيان ٢/ ٧٨١.
(٣) من الآية (٤٢) الآتية.
(٤) الآية (٢٠) منها.
(٥) المعنى مأخوذ من قول سيدنا عمر - رضي الله عنه - قال: معناه هذا صراط يستقيم بصاحبه حتى يهجم به على الجنة. انظر النكت والعيون ٣/ ١٦١. والقرطبي ١٠/ ٢٨.
(٦) كذا قدم الطبري ١٤/ ٣٣ لتفسير هذه الآية، وهو مركب من قول الحسن، وقتادة. وانظر النكت والعيون الموضع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>