للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كقوله: {كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} (١)، أي: آتيا.

والثاني: أنه على بابه، أي: محجوبًا بحجاب آخر (٢).

والثالث: أنه على معنى النسب، أي: حجابًا ذا سِتْر (٣) كـ {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} (٤)، أي: ذات رضىً.

والرابع: أنه مستور عن الأعين لا يُبْصَرُ، لا لكونه حجابًا من دون حجاب، إنما هو قُدْرةٌ من قدر الله جل ذكره، على معنى - والله تعالى أعلم -: إذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الكافرين حجابًا يحجب قلوبهم عن فهم ما تقرؤه عليهم، بشهادة قوله: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ} (٥). والأكنة: جمع كنان وهو الذي يَكِنُّ الشيءَ، أي: يستُرُه.

وقوله: {أَنْ يَفْقَهُوهُ} أي: كراهة أن يفقهوه، فحذف المضاف.

وقوله: {وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} أي: وجعلنا في آذانهم وقرًا، أي: ثِقْلًا يمنعهم من الاستماع.

وقوله: {وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} لا يخلو من أن يكون جمع نافر، كشهود وقعود في جمع شاهد وقاعد، أو مصدرًا كالشكور والكفور، فإن كان جمعًا فهو منصوب على الحال، أي: رجعوا نافرين، وإن كان مصدرًا فيحتمل أن يكون في موضع الحال، أي: ذوي نفور، أو نافرين، وأن يكون مصدرًا بمعنى تَولِيَةً، أو لأنَّ وَلَّوْا بمعنى: نفروا.


(١) سورة مريم، الآية: ٦١.
(٢) هذا قول الزجاج بمعناه، وقد رجحه الطبري ١٥/ ٩٤. وانظر إعراب النحاس الموضع السابق.
(٣) قاله الزمخشري ٢/ ٣٦٣. والرازي ٢٠/ ١٧٧.
(٤) سورة الحاقة، الآية: ٢١.
(٥) هذا معنى قول قتادة كما في النكت والعيون ٣/ ٢٤٦. وقدمه البغوي ٣/ ١١٧. وانظر المحرر الوجيز ١٠/ ٣٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>