للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والوجه هو الأول لسلامته من الرَّدِّ والدخل (١).

{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (٦٤) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (٦٥)}:

قوله عز وجل: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ} (مَنْ) موصول منصوب بقوله: {وَاسْتَفْزِزْ} وما بعده صلته، والراجع محذوف، أي: استطعته، لا استفهام منصوب بـ {اسْتَطَعْتَ} كما زعم بعضهم (٢) لفساد المعنى. قال أبو علي: هذا زجر واستخفاف به، والمعنى: ازعج من استطعت إزعاجه منهم (٣). وقيل: اسْتَخْفِفْ (٤). وعن أبي إسحاق: ادعهم دعاءً يحملهم على إجابتك (٥). وقيل: اقطعهم عن عملهم بدعائك إياهم إلى طاعتك، والفَزُّ: القطع، ومنه فَزَّز ثوبَه، إذا قَطَّعَه (٦).

وقوله: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ} أي: واجمع عليهم خيَّالَتَكَ، يقال: أَجْلَبُوا عليه: إذا تجمعوا وتألبوا، وقيل: أجلب من الجلبة، وهي الصياح، يقال: جلب على فرسه وأجلب عليه، إذا صاح به من خلفه، على معنى: صح عليهم بخيلك (٧).


(١) انظر الأوجه الثلاثة في التبيان ٢/ ٨٢٦ - ٨٢٧ أيضًا.
(٢) هو أبو البقاء ٢/ ٨٢٧ حيث قدم هذا الإعراب على الأول.
(٣) انظر هذا المعنى عند الرازي ٢١/ ٦. والراغب (فزّ).
(٤) قاله أبو عبيدة ١/ ٣٨٤. والفراء ٢/ ١٢٧.
(٥) معانيه ٣/ ٢٥٠.
(٦) كذا أيضًا هذا المعنى في القرطبي ١٠/ ٢٨٨. وروح المعاني ١٥/ ١١١. ولم أجد هذا في معجمات اللغة في باب الزاي وإنما ذكروه في باب الراء (فزر). قال الجوهري: تفزَّر الثوب: إذا انقطع.
(٧) كون الجلب بمعنى الجمع: هو قول الزجاج ٣/ ٢٥٠. وكونه من الجلبة وهي الصياح: اقتصر عليه الراغب (جلب). والزمخشري ٢/ ٣٦٧. وابن عطية ١٠/ ٣١٩. وانظر المعنيين في معالم التنزيل ٣/ ١٢٣. وزاد المسير ٥/ ٥٨. قلت: والمعنيان واحد، لأن الجمع =

<<  <  ج: ص:  >  >>