للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبادة، ولغيره على وجه التَكْرِمَة، كما سجدت الملائكة لآدم، وأبو يوسُفَ - عليه السلام - وإخوتُه (١) له.

والجمهور على كسر التاء" من قوله تعالى: {لِلْمَلَائِكَةِ}، وقرأ ابنُ القَعْقاع بضمها (٢) للإتْباع استثقالًا للخروج من كسر إلى ضم، وهو ضعيفٌ، وقد أنكره الشيخ أبو علي (٣) وغيره من النحاة، لأنه لا يجوز عندهم استهلاكُ الحركةِ الإعرابية لأجل الحركة البنائية إلا في لغةٍ ضعيفةٍ، كقولهم: الحمدِ لله، بكسر الدال للإتْباع (٤).

{إِلَّا إِبْلِيسَ} (إبليس) نَصْبٌ على الاستثناء، وفيه قولان:

أحدهما: أنه متصل، لأنه كان مَلَكًا من الملائكة، عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره (٥).

والثاني: أنه منقطع، لأنه ليس منهم، بشهادة قوله تعالى في وصف


(١) بهذا المعنى قال أبو جعفر الطبري ١/ ٢٢٨ قال: وكان سجود الملائكة لأدم تكرمة لآدم وطاعة لله لا عبادة لآدم - عليه السلام - وبهذا المعنى قال البغوي ١/ ٦٢ وأضاف: أن السجود كان لآدم - عليه السلام - على الحقيقة، لكن بدون وضع الوجه على الأرض، وهذا ما حكاه الماتريدي في تأويلات أهل السنة / ٩٩/ عن ابن جريج أن سجود الملائكة لآدم إيماء. وقال ابن عطية ١/ ١٧٧: هو قول الجمهور.
(٢) قراءة صحيحة له، انظر المبسوط /١٢٨/، والنشر ٢/ ٢١٠، وابن القعقاع هو يزيد بن القعقاع الإمام أبو جعفر القارئ المدني، أحد القراء العشرة، تابعي، ثقة، قارئ أهل المدينة، شيخ نافع، توفي سنة ثلاثين ومائة.
(٣) كذا في المحتسب ١/ ٧١، والمحرر الوجيز ١/ ١٧٧، وغلّطه الزجاج ١/ ١١٢ أيضًا، وقال أبو جعفر النحاس ١/ ١٦١ - ١٦٢: وهذا لحن لا يجوز، وانظر اعتذاره لابن القعقاع رحمه الله.
(٤) انظر الكشاف ١/ ١٦٢، وانظر إعراب (الحمد لله) من الفاتحة.
(٥) أخرجه الطبري ١/ ٢٢٤ عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره، وقال الماوردي ١/ ١٠٢: وهو قول ابن عباس، وابن مسعود، وابن المسيب، وابن جريج. وقال ابن عطية ١/ ١٧٨: هو قول الجمهور.

<<  <  ج: ص:  >  >>