للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: ما محل {فَرَقْنَاهُ} من الإعراب على الأوجه المذكورة؟ قلت: أما على الوجه الأول: فلا محل له لأنه مفسر، وأما على الثاني والثالث: فمحله النصب على النعت لقرآن.

والجمهور على تخفيف الراء في (فَرَقْناه)، وقرئ: (فَرَّقْنَاهُ) مشددًا (١)، بمعنى: فصلناه ونزلناه مفرقًا شيئًا بعد شيء.

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قرأ مشددًا، وقال: لم ينزل في يومين أو ثلاثة بل كان بين أوله وآخره عشرون سنة (٢). قيل: والتخفيف في معناه (٣). وقيل: معناه فرقناه بين الحق والباطل (٤)، فلما حذف الجار وصل الفعل إليه فنصب. وقيل: معناه: بيناه (٥).

وقوله: {لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ} من صلة {فَرَقْنَاهُ}.

وقوله: {عَلَى مُكْثٍ} في موضع نصب على الحال من المنوي في {لِتَقْرَأَهُ}، أي: متمهلًا، ليفهموه بالتمهل، ويعلموا ما فيه بالتفكر، أو متمكثًا على قدر نزوله، وذلك أنه كان ينزل عليه عليه الصلاة والسلام شيء ثم يمكث بعده ما شاء الله، ثم ينزل بعده شيء آخر على ما فسر (٦)، والمكث بضم الميم وفتحها وكسرها لغات (٧)، ومعناه التثبت والتوقف.


(١) قرأها ابن عباس، وأبي، وعلي، وابن مسعود - رضي الله عنهم -، والشعبي، وقتادة، وعكرمة وآخرون. انظر جامع البيان ١٥/ ١٧٨. وإعراب النحاس ٢/ ٢٦٣. والمحتسب ٢/ ٢٣. والنكت والعيون ٣/ ٢٧٩.
(٢) انظر قول ابن عباس - رضي الله عنهما - في معاني الفراء ٢/ ١٣٣. وجامع البيان ١٥/ ١٧٨.
(٣) قاله النحاس في الإعراب ٢/ ٢٦٣ قال: يحتمل أن يكون معناه كمعنى (فَرَقناه) إلا أن فيه معنى التأكيد، والمبالغة، والتكثير.
(٤) هذا قول الحسن كما في النكت والعيون ٣/ ٢٧٩. ومعالم التنزيل ٣/ ١٤١.
(٥) ذكره النحاس في المعاني ٤/ ٢٠٥. والرازي ٢١/ ٥٨ عن أبي عمرو. وروى الضحاك عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: بَيَّنَّا حلاله وحرامه. (زاد المسير ٥/ ٩٦).
(٦) انظر تفسير الماوردي ٣/ ٢٧٩.
(٧) كذا في جامع البيان ١٥/ ١٧٩. وإعراب النحاس ٢/ ٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>