قوله عز وجل:{إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ}(إذ) يجوز أن يكون منصوبًا بإضمار اذكر، أو يكون ظرفًا للظرف، وهو {مِنْ آيَاتِنَا}، أو لقوله:{عَجَبًا}، لأن كونهم عجبًا وقع في ذلك الوقت. ولا يجوز أن يكون ظرفًا لـ {حَسِبْتَ} كما زعم بعضهم، لأن الحسبان لم يكن في ذلك الوقت.
والفتية: الشبان، جمع فتى، كصبية في جمع صبي. ومعنى آووا إلى الكهف: أي صاروا إليه وجعلوه مأواهم.
وقوله:{وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} أي: وأصلح لنا، يقال: هيأت الأمر، إذا أصلحته. وقيل: يسر وسهل من أمرنا رشدًا، أي: من أمرنا ما يكون سببًا للرشد. والرَّشَدُ والرُّشْدُ واحد، وكذلك الرشاد، وهو نقيض الضلال.
فإن قلتَ: لِمَ لَمْ يختلف القراء فيه هنا كما اختلفوا فيه في آخر السورة؟ قلت: قيل: قصدوا التشاكل، لأن فواصل الآيات هنا على فَعَلٍ، نحو: أَمَدٍ وعَدَدٍ (١).
وقوله عز وجل:{فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا} أي: سددنا آذانهم بالنوم الغالب على نفوذ الأصوات إليها. والضَّرْبُ عليها عبارة عن السد.
وقيل: هو من قولهم: ضربت عليه الحجاب، أي: ضربنا عليها حجابًا من أن تسمع، يعني: أنمناهم إنامة ثقيلة لا تنبههم فيها الأصواتُ،