وَوُصِفَ الماءُ بالمصدر كما وصف الصعيد به، وهو أبلغ من قولك: غائرًا أو ذا غور، كقولك: رجل صَوْمٌ وَزَوْرٌ، وإِنْ شئت قدرت باسم الفاعل، أو على حذف مضاف، وكلٌ حَسَنٌ جائز شائع في كلام القوم، غير أن الوصف بالمصدر أبلغ وأفخم.
قوله عز وجل:{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} في القائم مقام الفاعل وجهان:
أحدهما:{بِثَمَرِهِ} بمعنى: أُهلك ثمرُهُ؛ وأحيط بفلان: عبارة عن إهلاكه، قيل: وأصله من أحاط به العدو، لأنه إذا أحاط به فقد ملكه واستولى عليه، ثم استعمل في كل إهلاك (١).
والثاني: مضمر وهو المصدر.
وقوله:{فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ}(يقلب) في موضع نصب لكونه خبر (أصبح) أي: مُقَلِّبًا. و {كَفَّيْهِ} مفعول {يُقَلِّبُ}، وتَقَلُّبُ الكفين: كناية عن الندم والتحسر، لأن النادم يفعله كثيرًا، فصار ذلك عبارة عن الندم.
وقوله:{عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا} يحتمل أن يكون: من صلة {يُقَلِّبُ} لأنه في معنى الندم، ولما كان في معناه عُدِّيَ تعديته بعلى، كأنه قيل: فأصبح يندم على الذي أنفقه فيها، أو على الإنفاق فيها. وأن يكون: في موضع الحال من المنوي في {يُقَلِّبُ} أي: متأسفًا، أو متحسرًا على ذلك.
وقوله:{وَيَقُولُ} محله النصب إما على خبر (أصبح) عطفًا على {يُقَلِّبُ} أو على الحال عطفًا على الحال المقدرة المذكورة آنفًا. {يَالَيْتَنِي} أي: يا قوم أيا هؤلاء ليتني لم أشرك بالله أحدًا.