للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّهُ}: الجمهور على كسر إن على الاستئناف، وقُرئ: (أَنه) بالفتح (١) على إسقاط الجار، أي: لأنه.

والكلام في {هُوَ} من قوله: {إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ} كالكلام في (أنت) في قوله: {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (٢).

{قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨)}:

قوله عز وجل: {قُلْنَا اهْبِطُوا} قيل: كُرِّرَ {اهْبِطُوا} للتأكيد وَلما نيط به من زيادة قوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى} (٣).

والضمير في (منها) للجنة. وقيل: للسماء (٤).

{جَمِيعًا}: حال من الضمير في {اهْبِطُوا}، أي: مجتمعين، والجميع ضد المتفرق. قيل: وليس بمصدرٍ، ولا اسم فاعلٍ، ولكنه عوض منهما دالٌ عليهما، كأنه قال: هبوطًا جميعًا، أو هابطين جميعًا، فاعرفه (٥).

وقوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ}: الأصل في اللفظ (إن ما) مفصولة، ولكنها


(١) قرأها نوفل بن أبي عقرب. انظر المحرر الوجيز ١/ ١٩٢، والقرطبي ١/ ٣٢٦، والبحر ١/ ١٦٦.
(٢) من الآية (٣٢) المتقدمة.
(٣) القول لصاحب الكشاف ١/ ٦٤، وانظر المحرر الوجيز ١/ ١٩٢ ونقل عن النقاش - وقاله البغوي ١/ ٦٥ أيضًا - أن الهبوط الثاني إنما هو من الجنة إلى السماء، والأول في ترتيب الآية إنما هو إلى الأرض، وهو الآخر في الوقوع فليس في الأمر تكرار على هذا. وانظر زاد المسير ١/ ٧٠. فقد ذكر قوليهما. وقال الإمام الفخر الرازي في تفسيره الكبير (مفاتيح الغيب) ٣/ ٢٥ بعد أن ذكر القولين السابقين مع تضعيفه الثاني: وعندي فيه وجه ثالث أقوى من هذين الوجهين وهو: أنه تعالى أمر بالهبوط مرة ثانية ليعلم آدم وحواء أن الأمر بالهبوط ما كان جزاء على ارتكاب الزلة حتى يزول بزوالها، بل الأمر بالهبوط باق بعد التوبة، لأن الأمر به تحقيقًا للوعد المتقدم في قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}.
(٤) في هذا القول إشارة إلى التفسير السابق للهبوط. انظر التعليق المتقدم.
(٥) هذا القول لابن عطية ١/ ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>