للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَلَمْ تَكُ شَيْئًا} أصله: لم تكن، فحذف النون تخفيفًا وتشبيهًا له بحرف العلة مع الجازم، والمعنى: وقد خلقتك يا زكريا من قبل يحيى ولم تك موجودًا، بل كنت معدومًا، أو شيئًا يذكر وَيُعْبَأُ به.

{قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (١١)}:

قوله عز وجل: {ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} (ثلاث ليالٍ) ظرف للتكليم، {سَوِيًّا}: منصوب على الحال من المنوي في {تُكَلِّمَ} أي: صحيحًا مستويًا، يقال: رجل سوي الخَلْقِ، أي: مستو، والمعنى: علامتك أن تُمنع من الكلام فلا تقدر عليه، وأنت سليم الجوارح، سوي الخلق، ما بك خرس ولا مرض.

وقيل: {ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا}، أي: متتابعات (١)، فيكون على هذا صفة لـ {ثَلَاثَ لَيَالٍ}. وسوي فعيل، وهو يقع على الجمع كما يقع على الواحد.

قيل: ودل ذكر الليالي هنا، والأيام في "آل عمران" (٢)، على أن المنع من الكلام استمر به ثلاثة أيام ولياليهن (٣).

وقوله: {فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} الإيحاء هنا بمعنى الإشارة، و {أَنْ} هي المفسرة بمعنى أي، أو مصدرية، أي: بأن سبحوا. و {بُكْرَةً وَعَشِيًّا}: ظرفان للتسبيح وهو الصلاة، أي: في بكرة كل يوم وعشيّه.

{يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا


(١) أخرجه الطبري ١٦/ ٥٣ عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. والجمهور على المعنى الأول، واقتصر عليه الفراء، والأخفش، والزجاج، والنحاس.
(٢) وهو قوله تعالى: {قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} [٤١].
(٣) قاله الزمخشري ٢/ ٤٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>