للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {بِعِبَادَتِهِمْ} فيه وجهان:

أحدهما: المصدر مضاف إلى الفاعل، والمفعول محذوف، والضمير في {سَيَكْفُرُونَ} للعابدين، أي: سيكفر العابدون بعبادتهم الأصنام، بشهادة قوله عز وعلا: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} (١).

والثاني: مضاف إلى المفعول، والفاعل محذوف، والضمير في {سَيَكْفُرُونَ} للمعبودين، أي: سيجحد المعبودون عبادة المشركين إياهم، وينكرونها ويقولون: والله ما عبدتمونا وأنتم كاذبون، بدليل قوله سبحانه: {تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} (٢).

وقوله: {عَلَيْهِمْ ضِدًّا} الضد: يكون واحدًا وجمعه أضداد، ويكون واحدًا في معنى الجمع وهو المراد هنا، والمراد ضد العز وهو الذل، أي: يكونون عليهم ضدًا لما قصدوه وأرادوه، وأصل الضد في كلام القوم: المخالفة، يقال: فلان يُضادّ فلانًا، أي: يخالفه في صنيعه فيفسد عليه ما أمَّله.

{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (٨٣) فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (٨٤)}:

قوله عز وجل: {تَؤُزُّهُمْ} في موضع الحال من الشياطين. {أَزًّا} مصدر مؤكد. والأَزّ: التهييج والإغرار، أي: تغريهم على المعاصي وتهيجهم لها بالوساوس والتسويلات، والأز، والهز، والاستفزاز نظائر في اللغة (٣) و {عَدًّا} مصدر مؤكد أيضًا.

{يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (٨٥)}:


(١) سورة الأنعام، الآية: ٢٣.
(٢) سورة القصص، الآية: ٦٣.
(٣) كذا قال الزمخشري في الكشاف ٢/ ٤٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>