للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يجوز أن تكون منصوبة بمتعنا على تضمينه معنى أعطينا وخولنا كما زعم الزمخشري (١)، لأنه إذا ضمن {مَتَّعْنَا} معنى أعطينا وخولنا حكم بزيادة الباء، فيصير التقدير: ولا تمدن عينيك إلى ما خولناه أزواجًا منهم، والفعل إذا استوفى مفعوليه، لم يتعد إلى ثالث.

ولا أن يكون بدلًا من محل (ما) في قوله: {إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ} كما زعم بعضهم (٢)، لأن قوله: {لِنَفْتِنَهُمْ} من صلة {مَا} متعلق بمتعنا، ولا يتقدم المبدل على ما هو في الصلة، لأن البدل لا يكون إلا بعد تمام الصلة للمبدل منه، وقد نصت النحاة على أن الموصول لا يبدل منه وقد بقت منه بقية، اللهم [إلا] أن تجعل {لِنَفْتِنَهُمْ} من صلة محذوف تقديره: فعلنا ذلك لنفتنهم فيه. فإن قلت: فكيف تُجَوِّزُ البدلَ من {بِهِ}، أو من {أَزْوَاجًا} وكلاهما داخل في الصلة معمول {مَتَّعْنَا} كالمذكور؟ قلت: الممنوع إنما هو من الموصول عينه قبل تمامه، لا مما في الصلة، فاعرفه فإنه موضع لطيف.

والرابع: نصب على الذم، وهو النصب على الاختصاص.

والخامس: نصب على الحال من {مَا} أو من الضمير في {بِهِ} وحذف التنوين منها لالتقاء الساكنين، هو واللام من {الْحَيَاةِ} تعضده قراءة: (ولا الليلُ سابقُ النهارَ) (٣) بنصب (النهار) بـ (سابق)، على تقدير حذف التنوين لسكونه وسكون اللام بعده، وجر الحياة على هذا على البدل من (ما) في قوله: {إِلَى مَا مَتَّعْنَا}، كأنه: ولا تمدن عينيك إلى الحياة الدنيا زهرة، أي: في حال زَهْرَتِهَا، وزَهْرَتُها: زينتها وبهجتها وما يروق الناظر منها عند الرؤية (٤).


(١) الكشاف ٢/ ٤٥٢.
(٢) حكاه أبو البقاء ٢/ ٩٠٩ عن بعضهم.
(٣) سورة يس، الآية: ٤٠. والقراءة مذكورة في موضعها وأخرجها هناك إن شاء الله.
(٤) أجاب ابن عطية ١١/ ١١٧ عن هذا الوجه بقوله: إن تعريف (زهرة) ليس بمحض.

<<  <  ج: ص:  >  >>