للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٤)}:

قوله عز وجل: {لِيَجْعَلَ} هذه متعلقة بمحذوف، أي: فعل الله ذلك أو قدّر ذلك ليجعل ما يلقي الشيطان محنة وابتلاء للذين في قلوبهم شك. وقيل: متعلقة بـ {أَلْقَى} وقيل: بـ {يُحْكِمُ}، وكلاهما ليس بشيء (١).

وقوله: {وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ} عطف على (الذين)، والألف واللام بمعنى الذي، والضمير الذي في قوله: {قُلُوبُهُمْ} يعود إلى الألف واللام، و {قُلُوبُهُمْ} رفع بالقاسية على الفاعلية، كأنه قيل: والذين قست قلوبهم، فأنث اسم الفاعل كما يؤنث الفعل.

وقوله: {وَإِنَّ الظَّالِمِينَ} أي: وإن المنافقين، وهم الذين في قلوبهم مرض، والكافرين، وهم الذين قست قلوبهم. والأصل والقياس: وإنهم، وإنما وضع الظاهر موضع الضمير قضاء عليهم بالظلم (٢).

وقوله: {وَلِيَعْلَمَ} عطف على قوله: {لِيَجْعَلَ}. {أَنَّهُ}: أنّ تمكين الشيطان من الإلقاء، أو: أنَّ نَسْخَ ما يلقيه الشيطان، وإحكام آي القرآن (٣).

وقوله: {فَيُؤْمِنُوا بِهِ} عطف على قوله: {وَلِيَعْلَمَ}، وكذا قوله: {فَتُخْبِتَ}، والضمير في {بِهِ} لأحد المذكورين آنفًا، وهو تمكين الشيطان من الإلقاء، أو نسخ ما نسخه وما أحكمه، وقيل: لله عز وجل (٤). والإخبات: الخضوع، من الخبت وهو المطمئن من الأرض.


(١) انظر البحر ٦/ ٣٨٢ واللفظتان من الآية (٥٢). وعلقها ابن عطية ١١/ ٢١٣ بـ (ينسخ).
(٢) كذا أيضًا في الكشاف ٣/ ٣٧.
(٣) المعنى الأول للزمخشري في الموضع السابق. والثاني للطبري ١٧/ ١٩١. وانظر المعنيين عند الرازي ٢٣/ ٤٩.
(٤) هذا ما يدل عليه كلام الرازي في الموضع السابق. وأكثر المفسرين على أنه للقرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>