للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} (جزى) فعل [ماض] يتعدى إلى مفعولين، تقول: جزيت فلانًا بما صنع كذا، وكفاك دليلًا {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} (١)، فعداه إلى مفعولين كما ترى، فإذا فهم هذا، فقرئ: (إِنهم) بالكسر (٢) على الاستئناف والمفعول الثاني محذوف، أي: جزيتهم اليوم بصبرهم الجنة، ثم ابتدأ مادحًا لهم فقال: (إنهم هم الفائزون) أي: فازوا بها حيث صبروا.

وقرئ: (أَنهم) بالفتح (٣)، وفيه وجهان:

أحدهما: هو المفعول الثاني، أي: جزيتهم اليوم بصبرهم الفوز، وفاز فلان، إذا نال ما أراد.

والثاني: على تقدير الجار والمفعول الثاني محذوف، أي: جزيتهم اليوم بصبرهم الجنة لأنهم هم الفائزون، أو بأنهم، أي: جزيتهم بالفوز فيكون هو المفعول الثاني، ولا حذف على هذا.

{قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (١١٢) قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ (١١٣) قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١٤)}:

قوله عز وجل: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُم} قرئ: (قال كم) و (قال إن لبثتم) بالألف فيهما (٤) على الخبر، والمنوي فيهما لله جل ذكره، والمأمور بسؤالهم من الملائكة، ولفظهما ماض ومعناهما المستقبل، والقول في ذلك كالقول في قوله: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} (٥). وقرئ: (قل). (قل) على لفظ


(١) سورة الإنسان، الآية: ١٢.
(٢) قرأها حمزة والكسائي كما سوف أخرج.
(٣) قرأها الباقون من العشرة. وانظر القراءتين في السبعة ٤٤٨ - ٤٤٩. والحجة ٥/ ٣٠٦ والمبسوط / ٣١٤/.
(٤) هذه قراءة أكثر العشرة كما سوف أخرج.
(٥) سورة النحل، الآية: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>