للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(دمر)، دل عليه التدمير. فإن قلت: هل يجوز أن يكون (إنا دمرناهم) على قراءة من كسر خبر {كَانَ}؟ قلت: لا، لأن المكسورة تقدر بالجملة، وليس في الجملة ما يعود على اسم {كَانَ} أو على معنى لـ {أَنَّا}، لأن الجار مع المجرور في موضع نصب.

والثاني: في موضع رفع وفيه وجهان، أحدهما: بدل من العاقبة. والثاني: أنه خبر مبتدأ محذوف والتقدير: هي أنا دمرناهم، أي: هي تدميرهم.

فإن قلت: هل يجوز أن يكون بدلًا من {كَيْفَ}؟ قلت: أجاز ذلك الفراء (١)، وأباه أصحابنا، لأن قوله: {أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ} ليس معه حرف الاستفهام، والبدل من الاستفهام تلزم فيه إعادة حرفه، نحو: كم مالك أعشرون أم ثلاثون؟ وكيف فلان أصحيح أم سقيم؟ ولو قلت عشرون أو صحيح بغير حرف الاستفهام لم يجز.

وإن قدرت أنها المستغنية عنه فـ {عَاقِبَةُ} فاعلها، و {كَيْفَ} في موضع الحال، وذو الحال العاقبة، والعامل فيها {كَانَ}، لأنه فعل بمعنى وقع، والتقدير: أحسنًا وقع عاقبة أمرهم أم سيئًا؟ وقال أبو علي: العامل فيها محذوف، كما أنك إذا قلت: في الدار وقع زيد، تقديره: وقع زيد مستقرًا في هذه الحال، انتهى كلامه (٢). وليس الأمر كما زعم، لأن {كَيْفَ} ليس بظرف، وإنما هو اسم قد اشتمل على الأحوال كلها، ألا ترى أنك إذا قلت: كيف زيد؟ فكأنك قلت: أسقيم زيد أم صحيح؟ إلا أنك أتيت بكيف للعموم، فكما أن (سقيم) غير ظرف، كذلك (كيف) لا يكون ظرفًا، وما ذكره من كونه متعلقًا بمحذوف شيء تختص به الظروف، و (كيف) ليس بظرف، ولهذا تقدر أحسنًا وقع عاقبة أمرهم أم سيئًا؟ ولا مقال أن حسنًا


(١) معانيه ٢/ ٢٩٦.
(٢) حجته ٥/ ٣٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>