للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا} (الوَهْنُ) مصدر قولك: وَهَنَ فلانٌ يَهِنُ وَهْنًا، إذا ضعف، ووَهَنَهُ غيرُهُ، يتعدى ولا يتعدى، وأنشد:

٥١١ - . . . . . . . . . . . ... إِنَّنِي لَسْتُ بمَوْهُونٍ فَقْرِ (١)

فإذا فهم هذا، فقوله جل ذكره: {وَهْنًا} مصدر في موضع الحال إما من الهاء في {حَمَلَتْهُ} على قول مَن جعله مِن صفة الولد، على معنى أن يكون نطفة، ثم علقة، ثم مضغة على ما فسر (٢)، أي: واهنًا، أو ذا وهن، أو موهونًا. أو من: الأُم (٣) على قول من جعله من صفتها، أي: واهنة، أو ذات وهن، أو موهونة، على معنى: أنها في أول حملها تضعف بعض الضعف، ثم يتزايد ضعفها مدة الحمل، لأن الحمل كلما ازداد وعظم، ازدادت ثقلًا وضعفًا، وقد جوز أن يكون ظرفًا على معنى: في وقت بعد وقت (٤).

وقال أبو جعفر: هو مفعول ثانٍ لـ {حَمَلَتْهُ} على تقدير حذف حرف الجر، أي: حملته بضعف (٥)، وهذا ليس بشيء عند المنصف المتأمل، لوجود الضعف مدة الحمل متزايدًا وناقصًا.

{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا


(١) لطرفة بن العبد، وصدره:
وإذا تَلْسُنُنِي أَلْسُنُها ... . . . . . . . . . . . . .
وانظره في الصحاح واللسان (وهن). و (لسن). والقرطبي ١٦/ ٢٥٥.
(٢) انظر النكت والعيون ٤/ ٢٣٤.
(٣) حُرِّفت في المطبوع إلى (الأمم)، وشرحه في الهامش بأنه الشيء الهين، وهذا لم يقله أحد. والمعنى على ما أثبته. والمؤلف يتحدث عن صاحب الحال فقال: إما من الهاء في (حملته) أو من الأم (أمه).
(٤) انظر التبيان ٢/ ١٠٤٤.
(٥) انظر إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس ٢/ ٦٠٣ وتابعه في هذا الإعراب مكي في المشكل ٢/ ١٨٣. وابن الأنباري في البيان ٢/ ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>