للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: قوله: {سُودٌ} بدل من (غَرابِيبُ) وليس بصفة.

والثالث: المؤكد مضمر قبله، والذي بعده تفسير لما أضمر، والتقدير: وسود غرابيب سود، ثم أضمر لدلالة ما بعده عليه، قيل: وإنما يفعل ذلك لزيادة التوكيد، حيث يدل على المعنى الواحد من طريقي الإظهار والإضمار جميعًا (١).

{وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨)}:

قوله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ} أي: ومنهم بعض، أي (٢): جنس له خَلْق مختلف ألوانه، فحذف الموصوف، هذا مذهب أهل البصرة، وقال أهل الكوفة: التقدير: مَن هو مختلف ألوانه، فحذُف الموصول وأُبقيت الصلة، ولم يُجِز أهلُ البصرة حَذْفُ الموصول وإبقاء صلته.

وقوله: {كَذَلِكَ} محل الكاف النصب بأنه صفة لمصدر محذوف، أي: اختلافًا كاختلاف الثمرات والجبال.

والجمهور على تشديد الباء من {وَالدَّوَابِّ} وهو الأصل، وقرئ: بتخفيفها (٣)، على حذف إحدى الباءين كراهة التضعيف.

وقوله: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} الجمهور على نصب اسم الله جل ذكره ورفع {الْعُلَمَاءُ} وهو الوجه. والخشية بمعنى الخوف، والمعنى: إنما يخاف اللهَ من كان عالمًا به وبصفاته، وبما يجوز عليه وما لا يجوز.


(١) الكشاف ٣/ ٢٧٤.
(٢) في (ج): أو.
(٣) هذه قراءة الزهري، وقد تقدم مثلها في الحج آية (١٨). وانظر المحتسب ٢/ ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>