للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد مضى الكلام على (اليَسَعَ) في سورة الأنعام (١).

{هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (٤٩) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (٥٠)}:

قوله عز وجل: {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (٤٩) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} الجمهور على نصب {جَنَّاتِ}، ونصبها على البدل من اسم إن وهو {لَحُسْنَ مَآبٍ}. واختلف في {جَنَّاتِ عَدْنٍ}، فقال قوم: هي معرفة بشهادة قوله جل ذكره: {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي} (٢)، فوصفها بالتي كما ترى فدل على أنها معرفة (٣). قال آخرون: هي نكرة (٤)، إذ ليس {عَدْنٍ} بِعَلَمٍ، وإنما هو كقولك: جنات إقامة، كقولهم: مَطِيَّةُ حَرْبٍ، والعَدْن في اللغة: الإقامة، يقال: عَدَنَ بالمكان، إذا أقام به.

فإذا فهم هذا، فقوله تعالى: {مُفَتَّحَةً} انتصابها على الحال من المنوي في الظرف وهو {لِلْمُتَّقِينَ}، والعامل فيها نفس الظرف وعينه، لا من {جَنَّاتِ عَدْنٍ} كما زعم بعضهم لعدم العامل، لأن (إن) لا يعمل في الأحوال. فإن قلت: جَعْلُكَ {مُفَتَّحَةً} حالًا على المذهبين أو على مذهب من قال: إن جنات معرفة؟ قلت: لا، بل على المذهبين، لأني أجعلها حالًا من ضميرها لا من عينها. ولك أن تجعل {مُفَتَّحَةً} صفة لجنات على قول من جعلها نكرة، وفي {مُفَتَّحَةً} ضمير الجنات ولذلك أُنث، كما تقول: مررت بجنات مفتحه.

و{الْأَبْوَابُ} بدل من الضمير، تقديره: مفتحة هي الأبواب، لأنك تقول: فُتِحَت الجِنانُ، إذا فُتِّحَتْ أبوابُها، وفي التنزيل: {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ


(١) انظر إعرابه للآية (٨٦) منها، ويعني ما فيه من قراءات.
(٢) سورة مريم، الآية: ٦١.
(٣) الكشاف ٣/ ٣٣٢.
(٤) المقتصد ١/ ٥٤٥. والتبيان ٢/ ١١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>