للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شيئًا ما جعله الله لهم من الآيات المدركات (١) حين كانوا ينكرون آيات الله مع وضوحها عنادًا منهم، و (ما) نافية، و {مِنْ شَيْءٍ} مفعول {أَغْنَى}، ولا يجوز أن تكون (ما) استفهامية في موضع نصب بأغنى كما زعم بعضهم (٢)، لوجود المفعول في الآية وهو {مِنْ شَيْءٍ} (٣).

{فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٨)}:

قوله عز وجل: {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً}

{قُرْبَانًا} مصدر كالكفْرانِ والغُفْرانِ، ويُسْتَعْمَلُ لكل مَا يُتَقَرَّبُ به إليه عز وعلا. وانتصابه على أنه مفعول له، وأحد مفعولي اتخذ محذوف، وهو الراجع إلى {الَّذِينَ}. والثاني: {آلِهَةً}، والتقدير: فهلا نصرهم الذين اتخذوا آلهة من دون الله تقربًا إليه جل ذكره.

الزمخشري: {قُرْبَانًا}: حال، ثم قال: ولا يصح أن يكون {قُرْبَانًا} مفعولًا ثانيًا و {آلِهَةً} بدلًا منه لفساد المعنى، انتهى كلامه (٤).

وقوله: {وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ} الجمهور على كسر الهمزة وإسكان الفاء، أي: وذلك كذبهم وافتراؤهم، وهو ادعاؤهم أنَّ آلهتهم تقربهم إلى الله وتشفع لهم، وقرئ: {وَذَلِكَ إِفْكُهُمْ} بفتح الهمزة وسكون الفاء (٥)، وهو مصدر قولك: أَفَكَهُ يَأْفِكُهُ بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر أَفْكًا، أي: قَلَبَهُ وَصَرَفَهُ عن الشيء، قال:


(١) في (أ): الآيات المذكورات. وفي (ب) و (ج): الآلات المدركات.
(٢) هو النحاس ١٣/ ١٥٨. ومكي ٢/ ٣٠٣. وابن الأنباري ٢/ ٣٧٢.
(٣) كذا استبعده أبو حيان ٨/ ٦٥ أيضًا.
(٤) الكشاف ٣/ ٤٥٠.
(٥) انظر هذه القراءة بهذا الضبط دون نسبة في المحرر الوجيز ١٥/ ٣٧. ونسبها أبو حيان ٨/ ٦٦. والسمين الحلبي ٩/ ٦٧٨ إلى ابن عباس رضي الله عنهما في رواية.

<<  <  ج: ص:  >  >>