للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دون (لن)، لأن {لَمْ} نَفْيٌ لما مضى، و (لن) نَفْيٌ لما يستقبل. والمذكورون أخبروا عن أنفسهم بإيمان قد مضى كما ترى، فلذلك نُفِيَ قولهم بـ {لَمْ} دون (لن) (١).

و(لَمَّا) هو (لم) دخل عليه (ما) للتأكيد. وقيل: ظهر في (لم) بدخول (ما) عليها معنى التوقع، فيكون المعنى: ولما يدخل بعد، ويُتوقَّعُ دخولُه (٢).

وقوله: (لا يَألِتْكم) قرئ: بهمزة بين الياء واللام (٣)، وهو من أَلَتَهُ حَقَّهُ يَأْلِتُهُ أَلْتًا، إذَا نَقَصَهُ، والأَلْتُ: النَّقْصُ. و {لَا يَلِتْكُمْ} بغير همزة (٤)، وهو من لاتَ يِليتُ، إذَا نَقَصَ لَيْتًا، لغتان بمعنىً. وقال بعضهم: أَلَتَ نقص كما سلف، ولات منع وأنشد:

٥٧٨ - وَلَيْلَةٍ ذَاتِ نَدىً سَرَيْتُ ... وَلَمْ يَلِتْنِي عَنْ سُرَاهَا لَيْتُ (٥)

أي: لم يمنعني. والمعنى على هذا: لا يمنعكم من ثواب أعمالكم شيئًا. فَيَأْلِتُ كيأسر، ويَلِيت كيبيع. وعن قُطرب: هو من وَلَتَهُ عن الشيء، إذا صرفه عنه (٦)، فـ {يَلِتْكُمْ} على هذا كيعدكم، أي: لا يصرفكم.

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥) قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ}


(١) انظر مشكل مكي ٢/ ٣١٦.
(٢) انظر الكشاف ٤/ ١٧.
(٣) صحيحة للبصريَّينِ كما سوف أخرج.
(٤) هذه قراءة الباقين من العشرة. انظر القراءتين في السبعة/ ٦٠٦/. والحجة ٦/ ٢١٠. والمبسوط/ ٤١٣/. والتذكرة ٢/ ٥٦٢.
(٥) ينسب هذا الرجز لرؤبة، وانظره في معاني الفراء ٣/ ٩٢. ومجاز القرآن ٢/ ٢٢١. وجامع البيان ٢٦/ ١٤٣. ومعاني الزجاج ٥/ ٦٦. والحجة ٦/ ٢١٠. والمحتسب ٢/ ٢٩٠. والصحاح (ليت). والنكت والعيون ٥/ ٣٣٨.
(٦) انظر المحتسب الموضع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>