والثاني: في موضع جر على أنه نعت للقوم، والمقصود بالذم محذوف، والتقدير: بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله مثلهم، أو هذا، لأن قبله {كَمَثَلِ الْحِمَارِ}، فهذا إشارة إلى المثل المذكور، والوصف بالذم وإن كان جاريًا على المثل في اللفظ فإنه في المعنى والحقيقة للقوم، والتقدير: بئس القوم قوم هذا مثلهم.
قوله عز وجل:{قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} في خبر (إنَّ) وجهان:
أحدهما:{فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} ودخلت الفاء في خبر {إِنَّ} لأن اسمه موصوف بموصول، والصفة والموصوف كالشيء الواحد، واسم إن إذا كان موصولًا جاز دخول الفاء في الخبر إذا كانت الصلة فعلًا أو ظرفًا، كقولك: إن الذي يأتيني فمكرم، وإن الذي في الدار فمكرم، وكذلك إذا كان اسم إن موصوفًا بموصول نحو: إن الشخص الذي يأتيني فمكرم، وإنما كان كذلك لتضمن {الَّذِي} معنى الشرط، لأن {الَّذِي} مبهم، والإبهام حد من حدود الشرط، ألا ترى أنك إذا قلتْ: الذي يأتيني فله درهم، معناه: إن أتاني إنسان فله درهم مستحق بالإتيان، متوقف على وجود الإتيان كما يتوقف الجزاء على الشرط.
قيل: فإن قيل: ما ذكرته لا يصح في الآية، لأن الموت ملاقٍ لهم لا محالة، فروا منه أو لم يفروا، فلا معنى للجزاء في الآية، فوجب أن تكون الفاء صِلَةً كما زعم بعضهم. فالجواب: إن هذا وارد في حق من اعتقد وظن أن الفرار ينجيه إلى وقت آخر.
والثاني: الخبر {الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ}، بمعنى: قل إن الموت هو