للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى الإضمار جعل صاحب الكتاب رحمه الله قوله سبحانه: {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} (١) أي: فهو ينتقم منه، فكذلك ما أشبهه (٢).

ووجه من فتح الجميع، أنه عطف على محل الجار والمجرور في {آمَنَّا بِهِ} كأنه قيل: صدقناه وصدقنا أنه تعالى جَدُّ ربنا، وكذلك البواقي.

فإن قلت: لم عدلت عن اللفظ إلى المعنى؟ قلت: لقبح العطف على المضمر المخفوض بغير إعادة الخافض. فإن قلت: ما منعك أن تعطفه على معمول {أُوحِيَ} كما زعم بعضهم، وهو (أنه) في قوله: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ}؟ قلت: منعني فساد المعنى، لأن ما كان من قول الجن لم يوح إليه، والجميع من قولهم إلا قوله: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ .. وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ}، وإنما هو أمر أخبروا به عن أنفسهم.

ووجه من كسر (إنه) قطعه مما قبله فابتدأ بقوله: وإنه {تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا}، وعطف عليه ما بعده إلى قوله: وإنه {لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ}.

واختار جماعة الكسر في الجميع، وذلك أن العطف على محل الجار والمجرور يضعف في بعضها، نحو: {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ}، لأنهم لم يخبروا بأنهم لما سمعوا الهدى آمنوا به.

وقوله: {عَجَبًا} مصدر وصف به القرآن، أي: ذا عجب، أي: عجيبًا. {آمَنَّا بِهِ} أي: بالقرآن، وقيل: بالله (٣).

{وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (٣) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (٤) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (٥)}:

قوله عز وجل: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} الضمير في (أنه) ضمير الشأن


(١) سورة المائدة، الآية: ٩٥.
(٢) انظر الكتاب ٣/ ٦٩.
(٣) قاله الزمخشري ٤/ ١٤٦. لأن قوله (بربنا) يفسره. والجمهور على الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>