للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عز وجل: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ} هذا جواب القسم، و (ما) موصولة وعائدها محذوف، أي: إنما توعدون به أو توعدونه لواقع، وفي خلت اللام على خبر إنَّ للتأكيد، لأن الموضع موضع تأكيد، لأن القسم يؤكَّد به الكلام.

وقوله: {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ} ارتفاع {النُّجُومُ} عند أهل البصرة على الفاعلية، ورافعها فعل مضمر يفسره {طُمِسَتْ}. وعند أهل الكوفة: على الابتداء، والخبر {طُمِسَتْ} (١). والوجه هو الأول، لأن (إذا) فيها معنى الشرط، والشرط بالفعل أولى، ومحل الجملة على المذهبين الجر بإذا.

ومثله: {وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ}، {وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ}، {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ}، و {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١)} (٢)، وهو كثير في الكتاب العزيز. وجواب (إذا) محذوف، أي: وقع ما توعدون، أو بُعثتم أو جوزيتم على ما صدر منكم. وقيل التقدير: فاذكر إذا النجوم طمست. وقيل: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}، والوجه ما ذكرت بشهادة قوله: {إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ}، لأن ما توعدونه من البعث والجزاء إنما يكون إذا طمست النجوم. ومعنى طمست: مُحيت ومُحقت، والطمس محو الأثر الدال على الشيء.

و{فُرِجَتْ}: أي شُقَّت وفُتِحَتْ فكانت أبوابًا، وكفاك دليلًا: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١)} [الانشقاق: ١] (٣). {وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (١٩)} [النبأ: ١٩] (٤).

{نُسِفَتْ} أي: قلعت من أصولها، وقيل: أُخذت بسرعة من أماكنها، من قولهم: انتسفتُ الشيءَ، إذا اختطفته (٥).


(١) انظر المذهبين في مثسكل مكي ٢/ ٢٤٦.
(٢) سورة التكوير، الآية: ١.
(٣) سورة الانشقاق، الآية: ١.
(٤) سورة النبأ، الآية: ١٩.
(٥) انظر هذا القول في معاني الزجاج ٥/ ٢٦٦. والكشاف ٣/ ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>